كله من عقد الإيمان) الذي يجب عقد القلب عليه، والإيمان اعتقاد يعقد الإنسان قلبه عليه.
وقوله: (والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته).
لاحظ أن الإيمان بالقدر هو من توحيد الربوبية؛ لأننا نقول في توحيد الربوبية هو: الإيمان بأنه تعالى رب كل شيء ومليكه، وأنه على كل شيء قدير، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه خالق كل شيء، هكذا نفسر توحيد الربوبية، وهذا يتضمن الإيمان بالقدر، وهو أن كل شيء جارٍ بقدر الله وبمشيئة الله على وفق علمه وتقديره السابق، ولهذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: (الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن وحَّد الله وآمن بالقدر فقد تم توحيده، ومن كذَّب بالقدر نقض تكذيبُه توحيده) [1] فالمكذب بالقدر لم يحقق توحيدَ الربوبية؛ فإن كان من الغلاة جحد علم الله وتقديره السابق، ونفى عموم المشيئة وعموم الخلق، وإن كان من مقتصدي النفاة القدرية فهو يُخرج أفعال العباد عن مشيئة الله وعن قدرته وخلقه وملكه.
إذًا؛ الإيمان بالقدر من توحيد الربوبية، فمن كذَّب بالقدر نقض تكذيبُه توحيدَه، وهذا يوضح قول المؤلف: (وذلك من عقد الإيمان، وأصول المعرفة).
وقوله: (كما قال تعالى في كتابه: ((وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيْرَاً)) [الفرقان: 2]، وقال تعالى: ((وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرَاً مَقْدُوْرَاً)) [الأحزاب]).
هذان دليلان من الأدلة الدالة على الإيمان بالقدر، وأنه تعالى خلق كل شيء على وفق ما سبق به قدره.
وقوله: (فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما، وأحضر للنظر [1] أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة 2/ 422، والفريابي في القدر ص 143، والآجري في الشريعة ص 183 و 184، وابن بطة في الإبانة 2/ 159 و 160، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ص 742، بمعناه.