والتقدير الثاني الذي قدر الله فيه أمور آدم وذريه، وهو الذي أُشير إليه في حديث احتجاج آدم وموسى، وأن آدم عليه السلام قال لموسى عليه السلام: (هل وجدت في التوراة: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)؟ قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملتُ عملا كتبه الله عليَّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فحج آدم موسى" [1].
والتقدير الثالث: وهو التقدير المختص بكل إنسان، كما في الحديث المتفق على صحته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أنه قال ـ في الجنين عندما يبلغ أربعة أشهرـ: فيأتيه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ... [2].
والتقدير الرابع، وهو التقدير الحولي: وهو ما يكون في ليلة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3 - 4]، وسميت ليلة القدر؛ لأنه يقدر فيها ما يكون في السنة إلى مثلها.
وهذه التقديرات لا تخالف ولا تناقض التقدير الأول العام.
فنؤمن باللوح والقلم ولا نتكلم في كيفية اللوح، وكيفية القلم، وكيفية تلك الكتابة، فالله أعلم كيف كانت تلك الكتابة، كل ذلك غيب يجب أن نمسك عنه، ولا نخوض فيه، ولا نفكر فيه.
وقوله: (وبجميع) أي: ونؤمن بجميع (ما فيه قد رُقم) أي: كُتِب، فنؤمن إيمانا مجملا بأن الله كتب فيه مقادير الخلق، لكن هل نعلم ما رُقِم فيه وما كُتِب فيه؟ لا نعلم؛ إلا ما أخبر الله تعالى به ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لكن نعلم أن كل ما يقع في الوجود فهو [1] رواه البخاري (6614)، ومسلم (2652) ـ واللفظ له ـ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. [2] تقدم في ص 72.