القدر (نظرا وفكرا ووسوسة) والنظر والفكر بمعنى: التفكير.
والوسوسة دون ذلك، فقد تكون بداية التفكر والنظر، (فالحذرَ) منصوب على الإغراء، أي: الزم الحذر والخوف أيها المسلم العاقل الناصح لنفسك.
والوسوسة هي: إلقاء المعاني في القلب، فالشيطان يوسوس فيلقي معاني الشبهات، ومعاني الشهوات في القلب مثل البذر، فوساوس الشيطان هي البذرة الأولى للشرور كلها؛ لكن هذه الوساوس قد تموت في مكانها إذا وفق الإنسان لدفعها، وتعوذ بالله منه فإنها تنتهي، وقد يثمر تفكيرا وتفكرا، ثم قد يثمر كلاما وعملا، فكل الشرور التي تشاهد بالعيون وتسمع بالآذان كلها نابتة من ذلك الوسواس، والله تعالى قد أنزل سورة ليتحصن بها المسلم من ذلك الوسواس الخناس: ((قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * من الجنة والنَّاسِ)) [الناس: [1] - 6]، وسبقت الإشارة [1] إلى الحديث الذي ورد في شأن الوسواس: (يأتي الشيطانُ أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) فالشيطان يلقي في القلوب أخبث الوساوس؛ لكن المؤمن الموفق يدفعها باعتصامه بربه وبلجوئه إلى مولاه، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان، فإن الله هو الذي خلق الشيطان وهو قادر على أن يصرفه عنك.
وقوله: (فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه) عن خليقته (ونهاهم عن مرامه) هذا تأكيد لما سبق من قوله: (وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل) فالمؤلف ـ رحمه الله ـ أراد أن يؤكد هذا الأمر العظيم بهذه المؤكدات: (فإن الله طوى علم القدر عن أنامه) طوى علمه: اختص به، ولم يطلعهم [1] في ص 129.