اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 163
الشبهة الثانية
«وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ»
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ فَقَالَ: «وَاللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ».
فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ».
فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ ثُمَّ قَالَ: «تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي».
قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ؛ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ».
فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ»، فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ». (رواه مسلم).
وفي رواية عند مسلم: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ لَا مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ».
فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا أُسَامَةُ أُسَامَةُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «طَاعَةُ اللهِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَكِ».
قَالَتْ: «فَتَزَوَّجْتُهُ فَاغْتَبَطْتُ».
وفي رواية عنده أيضًا: «إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَرِبٌ خَفِيفُ الْحَالِ وَأَبُو الْجَهْمِ مِنْهُ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ أَوْ يَضْرِبُ النِّسَاءَ أَوْ نَحْوَ هَذَا» [1]. [1] قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وَقَوْله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (فَإِذَا حَلَلْت فَآذِنِينِي) أَيْ أَعْلِمِينِي، وَفِيهِ جَوَاز التَّعْرِيض بِخِطْبَةِ الْبَائِن وَهُوَ الصَّحِيح عِنْدنَا. ... =
= قَوْله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (أَمَّا أَبُو الْجَهْم فَلَا يَضَع الْعَصَا عَنْ عَاتِقه) فِيهِ تَأْوِيلَانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدهمَا أَنَّهُ كَثِير الْأَسْفَار، وَالثَّانِي أَنَّهُ كَثِير الضَّرْب لِلنِّسَاءِ وَهَذَا أَصَحّ، بِدَلِيلِ الرِّوَايَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم بَعْد هَذِهِ أَنَّهُ ضِرَاب لِلنِّسَاءِ.
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز ذِكْر الْإِنْسَان بِمَا فِيهِ عِنْد الْمُشَاوَرَة وَطَلَب النَّصِيحَة وَلَا يَكُون هَذَا مِنْ الْغِيبَة الْمُحَرَّمَة بَلْ مِنْ النَّصِيحَة الْوَاجِبَة.
قَوْله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (وَأَمَّا مُعَاوِيَة فَصُعْلُوك) هُوَ بِضَمِّ الصَّاد، وَفِي هَذَا جَوَاز ذِكْره بِمَا فِيهِ لِلنَّصِيحَةِ كَمَا سَبَقَ فِي ذِكْر أَبِي جَهْم.
وَأَمَّا إِشَارَته - صلى الله عليه وآله وسلم - بِنِكَاحِ أُسَامَة فَلَمَّا عَلَّمَهُ مِنْ دِينه وَفَضْله وَحُسْن طَرَائِفه وَكَرَم شَمَائِله فَنَصَحَهَا بِذَلِكَ فَكَرِهَتْهُ لِكَوْنِهِ مَوْلًى وَقَدْ كَانَ أَسْوَد جِدًّا فَكَرَّرَ عَلَيْهَا النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْحَثّ عَلَى زَوَاجه لَمَّا عَلِمَ مِنْ مَصْلَحَتهَا فِي ذَلِكَ وَكَانَ كَذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَتْ: (فَجَعَلَ اللهُ لِي فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْت) وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فِي الرِّوَايَة الَّتِي بَعْد هَذَا: (طَاعَة اللهِ وَطَاعَة رَسُوله خَيْر لَك).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 163