اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 160
فالظاهر أن هذا الدعاء منه - صلى الله عليه وآله وسلم - غير مقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب فى وصل كلامها بلا نية كقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - لبلال - رضي الله عنه -: «مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ» [1].
وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - لمعاذ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ» [2] ونحو ذلك.
ويمكن أن يكون ذلك منه - صلى الله عليه وآله وسلم - بباعث البشرية التى أفصح عنها هو نفسه - صلى الله عليه وآله وسلم - فى أحاديث كثيرة متواترة، منها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَيُّ عَبْدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا» (رواه مسلم).
وقد ختم الإمام مسلم - رحمه الله - بهذا الحديث الأحاديث الواردة في دعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يجعل ما صدر منه من سب ودعاء على أحد ليس هو أهلًا لذلك أن يجعله له زكاة، [1] عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: «ضِفْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِيَ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ»، قَالَ: «فَجَاءَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ»، قَالَ: «فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، وَقَالَ: «مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ»، وَقَامَ يُصَلِّي» (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ: (ضِفْتُ):أَيْ نَزَلْت عَلَيْهِ ضَيْفًا. (بِجَنْبٍ):جَنْب الشَّاة شِقّهَا، وَجَنْب الْإِنْسَان شِقّه. (الشَّفْرَة): هِيَ السِّكِّين الْعَظِيمَة، وَقِيلَ: هِيَ السِّكِّين الْعَرِيضَة. (يَحُزّ): حَزَّهُ وَاحْتَزَّهُ أَيْ قَطَعَهُ، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز قَطْع اللَّحْم بِالسِّكِّينِ، وَفِي النَّهْي عَنْهُ حَدِيث ضَعِيف فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ. ...
(فَآذَنَهُ): أَيْ أَعْلَمَهُ وَأَخْبَرَهُ. (وَقَالَ (النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله وسلم -: (مَا لَهُ): لِبِلَالٍ قَدْ عَجَّلَ وَلَمْ يَنْتَظِر إِلَى أَنْ أَفْرُغ مِنْ أَكْل طَعَامِي. (تَرِبَتْ يَدَاهُ): تَرِبَ الشَّيْء: أَصَابَهُ التُّرَاب، وَمِنْهُ تَرِبَ الرَّجُل اِفْتَقَرَ كَأَنَّهُ لَصِقَ بِالتُّرَابِ، يُقَال تَرِبَتْ يَدَاك وَهُوَ عَلَى الدُّعَاء أَيْ لَا أَصَبْت خَيْرًا.
وَ (تَرِبَتْ يَدَاهُ) كَلِمَة تَقُولهَا الْعَرَب عِنْد اللَّوْم وَمَعْنَاهَا الدُّعَاء عَلَيْهِ بِالْفَقْرِ وَالْعَدَم، وَقَدْ يُطْلِقُونَهَا فِي كَلَامهمْ وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ وُقُوع الْأَمْر كَمَا قَالُوا عَقْرَى حَلْقَى فَإِنَّ هَذَا الْبَاب لَمَّا كَثُرَ فِي كَلَامهمْ وَأَدَامَ اِسْتِعْمَاله فِي مَجَارِي اِسْتِعْمَالهمْ صَارَ عِنْدهمْ بِمَعْنَى اللَّغْو، وَذَلِكَ مِنْ لَغْو الْيَمِين الَّذِي لَا اِعْتِبَار بِهِ وَلَا كَفَّارَة فِيهِ. [2] جزء من حديث طويل عن معاذ - رضي الله عنه -: « ... قُلْتُُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِما نَتَكَلَّمُ بهِ؟ فقالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، ـ أوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ ـ إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». (رواهُ الترمذيُّ وصححه الألباني).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات المؤلف : شحاتة صقر الجزء : 1 صفحة : 160