اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 56
فإذا عرف هذا، عرف أن المشركين وآلهتهم التي عبدوها، لو اجتمعوا، وأرادوا أن يكيدوا من تولاه فاطر الأرض والسماوات، متولي أحوال عباده الصالحين، لم يقدروا على كيده بمثقال ذرة من الشر، لكمال عجزهم وعجزها، وكمال قوة الله واقتداره، وقوة من احتمى بجلاله وتوكل عليه.
وقيل: إن معنى قوله {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ} أن الضمير يعود إلى المشركين المكذبين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فتحسبهم ينظرون إليك يا رسول الله نظر اعتبار يتبين به الصادق من الكاذب، ولكنهم لا يبصرون حقيقتك وما يتوسمه المتوسمون فيك من الجمال والكمال والصدق. (1)
إنها كلمة صاحب الدعوة، في وجه الجاهلية .. ولقد قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أمره ربه وتحدى بها المشركين في زمانه وآلهتهم المدعاة: «قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ» .. لقد قذف في وجوههم ووجوه آلهتهم المدعاة بهذا التحدي .. وقال لهم: ألا يألوا جهدا في جمع كيدهم وكيد آلهتهم بلا إمهال ولا إنظار! وقالها في لهجة الواثق المطمئن إلى السند الذي يرتكن إليه. ويحتمي به من كيدهم جميعا: «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ، الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ، وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» .. فأعلن بها عمن إليه يرتكن. إنه يرتكن إلى الله .. الذي نزل الكتاب .. فدل بتنزيله على إرادته - سبحانه - في أن يواجه رسوله الناس بالحق الذي فيه كما قدر أن يعلي هذا الحق على باطل المبطلين .. وأن يحمي عباده الصالحين الذين يبلغونه ويحملونه ويثقون فيه.
وإنها لكلمة صاحب الدعوة إلى الله - بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل مكان وفي كل زمان: «قُلِ: ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ» .. «إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ».
إنه لا بد لصاحب الدعوة إلى الله أن يتجرد من أسناد الأرض وأن يستهين كذلك بأسناد الأرض ..
(1) - تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 312)
اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 56