اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 311
النبي، ومع هذا فقد بهتوه، وكذبوه، وأبوا أن يقبلوا هذا النور الذي بين يديه، وآثروا أن يعيشوا بما هم فيه من عمى وضلال .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ». (33:الأنعام) وفى هذا التشبيه، يمثل المنافقون دور الشيطان، فهم يعرفون طريق الحق ويتجنبونه، وهم يزينون الشر لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب، ويدعونهم إلى المحادة لله ولرسوله، ويشدون ظهرهم فى كيدهم للنبى وخلافهم له ..
حتى إذا وقعت الواقعة بهم، نظر إليهم هؤلاء المنافقون نظر الشيطان إلى صاحبه الذي استجاب له، وأروهم أنهم لا يستطيعون أن يخفّوا إلى نجدتهم، وأنهم يخافون النبي والمسلمين، كما يخاف الشيطان الله رب العالمين .. وهنا نذكر قول الله للمؤمنين عن المنافقين: «لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ».
ففى هذا التشبيه ثلاثة أطراف .. الشيطان، والإنسان الذي أضله الشيطان، والله، الذي يخافه الشيطان ..
وفى مقابل هذه الأطراف: المنافقون، وإخوانهم اليهود، والنبي وأصحابه الذين يخافهم المنافقون .. قوله تعالى: «فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ» .. تلك هى عاقبة الشيطان وصاحبه .. لقد هلك الشيطان، وهلك معه من استجاب له .. وتلك هى عاقبة المنافقين، وإخوانهم من اليهود .. إنهم جميعا إلى النار خالدين فيها .. وذلك جزاء الظالمين .. لا جزاء لهم إلا جهنم وبئس المصير .. " (1)
وقال دروزة:" في الآيات وصف لمشهد من مشاهد وقعة بني النضير وإجلائهم وموقف المنافقين حلفائهم في ذلك وحالة اليهود النفسية والاجتماعية:
1 - فقد حاول المنافقون تشديد عزيمتهم ووعدوهم بعدم إطاعة أحد فيهم وبالقتال إذا قوتلوا وبالخروج معهم إذا أخرجوا. فاحتوت الآيات تكذيبا لهم فيما قالوه ووعدوا به، وقررت أنهم حتى لو قاتلوا معهم لولّوا الأدبار ولما انتصروا، وبأن مثلهم كمثل
(1) - التفسير القرآني للقرآن (14/ 865)
اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 311