responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 175
; لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْخَوْفِ وَالتَّقِيَّةِ، فَيُرَخَّصُ فِي مُوَالَاتِهِمْ، بِقَدْرِ الْمُدَارَاةِ الَّتِي يَكْتَفِي بِهَا شَرُّهُمْ، وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ سَلَامَةُ الْبَاطِنِ مِنْ تِلْكَ الْمُوَالَاةِ:
وَمَنْ يَأْتِي الْأُمُورَ عَلَى اضْطِرَارٍ ... فَلَيْسَ كَمِثْلِ آتِيهَا اخْتِيَارًا
وَيُفْهَمُ مِنْ ظَوَاهِرِ هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ مَنْ تَوَلَّى الْكُفَّارَ عَمْدًا اخْتِيَارًا، رَغْبَةً فِيهِمْ أَنَّهُ كَافِرٌ مِثْلَهُمْ." (1)
قال ابن كثير:"يَنْهَى تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُوَالَاةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، الَّذِينَ هُمْ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، ثُمَّ تَهَدَّدَ وَتَوَعَّدَ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ فَقَالَ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ]} ....
وَقَوْلُهُ: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أَيْ: شَكٌّ، وَرَيْبٌ، وَنِفَاقٌ {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} أَيْ: يُبَادِرُونَ إِلَى مُوَالَاتِهِمْ وَمَوَدَّتِهِمْ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ، {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} أَيْ: يَتَأَوَّلُونَ فِي مَوَدَّتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ أَنَّهُمْ يَخْشَوْنَ أَنْ يَقَعَ أَمْرٌ مِنْ ظَفْرِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ، فَتَكُونُ لَهُمْ أَيَادٍ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَيَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} قَالَ السُّدِّي: يَعْنِي فَتْحَ مَكَّةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَعْنِي الْقَضَاءَ والفصلِ {أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ} قَالَ السُّدِّي: يعني ضرب الجزية على الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى {فَيُصْبِحُوا} يَعْنِي: الَّذِينَ وَالَوُا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنَ الْمُنَافِقِينَ {عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} مِنَ الْمُوَالَاةِ {نَادِمِينَ} أَيْ: عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، مِمَّا لَمَّ يُجْد عَنْهُمْ شَيْئًا، وَلَا دَفَعَ عَنْهُمْ مَحْذُورًا، بَلْ كَانَ عَيْنَ الْمُفْسِدَةِ، فَإِنَّهُمْ فُضِحُوا، وَأَظْهَرَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ فِي الدُّنْيَا لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، بَعْدَ أَنْ كَانُوا مَسْتُورِينَ لَا يُدْرَى كَيْفَ حَالُهُمْ. فَلَمَّا انْعَقَدَتِ الْأَسْبَابُ الْفَاضِحَةُ لَهُمْ، تَبَيَّنَ أَمْرُهُمْ لِعِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَعَجَّبُوا مِنْهُمْ كَيْفَ كَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَحْلِفُونَ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَأَوَّلُونَ، فَبَانَ كَذِبُهُمْ وَافْتِرَاؤُهُمْ." (2)
" يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة، أن لا يتخذوهم أولياء. فإن بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يتناصرون فيما بينهم ويكونون

(1) - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/ 412)
(2) - تفسير ابن كثير ت سلامة (3/ 132)
اسم الکتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست