فيا لها من قاعدة ما أفسدها، وأشد معاندتها للنصوص.
أما في (الإحياء) فقد نصَّ على أن الأخذ من النصوص مدعاة للاضطراب قال: «فأما من يأخذ معرفة هذه الأمور من السمع، فلا يستقرّ له فيها قدم، ولا يتعين له موقف» [1].
وهناك بَيَّنَ أن معيار التأويل هو الذوق والكشف وسيأتي في بابه.
وقال في (المستصفى): «القسم الثاني من الأخبار: ما يعلم كذبه؛ وهي أربعة:
الأول: ما يعلم خلافه بضرورة العقل، أو نظره، أو الحس والمشاهدة، أو أخبار التواتر، وبالجملة ما خالف المعلوم بالمدارك الستة المذكورة: كمن أخبر عن الجمع بين الضدين، وإحياء الموتى في الحال، وأنا (لعله وأنه) على جناح نسر، أو في لجة بحر، وما يحسّ خلافه» [2].
ثم جاء السنوسي فبين سبب الجنوح إلى التأويل فقال: «ما أخبر الشرع به وكان ظاهره مستحيلًا عند العقل، فإنا نصرفه عن ظاهره المستحيل ...» [3]. وقد سبق نقله بتمامه.
وقبلهم جميعًا قال عبد القاهر البغدادي: «إن روى الراوي ما [1] الإحياء (1/ 180). [2] المستصفى (2/ 142) طبعة بولاق.
ولو طبقنا كلام الغزالي هذا على ما ورد في الإحياء من حكايات، فكم سيبقى منه؟ ولكنه لم يقصد ردَّ حكايات الصوفية، وإنما ردَّ الأحاديث. [3] شرح الكبرى مع الحواشي (ص502).