إسقاط قيمة النصوص في مجال العقيدة
بناءً على ما تقرر تأصيله فيما سبق جعل منهج الأشاعرة رد النصوص جملة، والاكتفاء بالعقل المزعوم أصلًا منهجيًّا في الاعتقاد والتأليف، وأسقطوا قيمة النصوص لا من جهة عدم اعتقاد ما دلت عليه فحسب، بل من جهة عدم اعتبارها مجالًا للبحث والاستدلال والنظر، فما فائدة البحث والنظر عندهم فيما لا يفيد اليقين ولا يورث إلا الظن، وما يترتب على حصول العلم منه شروط دونها خرط القتاد، ودخول الجمل في سَمِّ الخِيَاط؟!.
وما جدوى الخوض في تلك الظواهر الظنية من حيث إن الأصول العقلية المنضبطة قائمةٌ مقررةٌ، ودلالتها يقينية قاطعة؟!.
على هذا المنهج ساروا في مصنفاتهم في العقيدة، فإنك تقرأ الواحد منها وتتصفحه عمدًا بحثًا عن آية، وتنقيبًا عن حديث، فلا تجد في المائتين من الصفحات لا آيةً ولا حديثًا، وإن وجدته فإنما جاء به في معرض سرد النصوص الظنية الواجبة التأويل، أو ذكره ضمن أقوال خصومهم (الحشوية!!)، أو أورده - وهذا أقلها - على سبيل التبعية والاستئناس!!.
وإن شئت الأمثلة فانظر: (الشامل) و (الإرشاد) للجويني، و (غاية المرام) وأصله (أبكار الأفهام) للآمدي، و (أساس التقديس) وسائر مؤلفات الرازي الكلامية، و (المواقف) وشروحه وحواشيها، و (المقاصد) وشروحها وحواشيها، و (الذسفية) وشروحها وحواشيها، و (العضدية)