responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن المؤلف : عبد الهادي بن حسن وهبي    الجزء : 1  صفحة : 358
25 - إذا كانتِ الملائكةُ وهم مخلوقونَ من النُّورِ، وهمْ لا يأكلونَ ولا يشربونَ؛ بل همْ صمدٌ ليسوا جوفًا - كالإنسانِ ـ، وهم يتكلَّمونَ ويسمعونَ ويبصرونَ ويصعدونَ وينزلونَ كما ثبتَ ذلكَ بالنُّصوصِ الصحيحةِ، وهم مع ذلكَ لا تماثلُ صفاتُهم وأفعالُهم صفاتِ الإنسانِ وفعلَهُ؛ فالخالقُ تعالى: أعظمُ مباينة لمخلوقاتهِ منْ مباينةِ الملائكةِ للآدميينَ؛ فإنَّ كليهما مخلوقٌ، والمخلوقُ أقربُ إلى مشابهةِ المخلوقِ من المخلوقِ إلى الخالقِ سبحانه وتعالى.
وكذلكَ روحُ ابنِ آدم: تسمعُ وتبصرُ وتتكلَّمُ وتنزلُ وتصعدُ، كما ثبتَ ذلكَ بالنُّصوصِ الصحيحةِ، والمعقولاتِ الصريحةِ، ومعَ ذلكَ: فليستْ صفاتها وأفعالها كصفاتِ البدنِ وأفعالهِ.
فَإِذَا لَمْ يجزْ أنْ يقالَ: إنَّ صفاتِ الرُّوحِ وأفعالها: مثلُ صفاتِ الجسمِ الَّذي هُوَ الجسدُ، وَهِيَ مقرونةٌ بِهِ وهما جميعًا الإنسانُ، فَإِذا لَمْ يكنْ روحُ الإنسانِ مماثلًا للجسمِ الَّذي هُوَ بدنهُ؛ فكيفَ يجوزُ أنْ يُجْعَلَ الرَّبُّ تبارك وتعالى وصفاتهُ وأفعالهُ مثلَ الجسمِ وصفاتهِ وأفعالهِ؟!! [1].
26 - منْ فهمَ منْ قولهِ تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الفرقان: 59]، ما يختصُّ بالمخلوقِ، كما يفهمُ منْ قوله: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 28]، فقدْ أُتيَ مِنْ سوءِ فهمهِ، ونقصِ عقلهِ، لا منْ قصورٍ في بيانِ الله ورسولهِ؛ فإنَّ ظاهرَ اللفظِ يدلُّ على استواءٍ يضافُ إلى الله عزَّ وجلَّ كما يدلُّ في تلكَ الآيةِ على استواءٍ يضافُ إلى العبدِ.
وإذا كانَ المستوي ليسَ مماثلًا للمستوي، لم يكنِ الاستواءُ مماثلًا للاستواءِ.

[1] مجموع الفتاوى (5/ 354).
اسم الکتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن المؤلف : عبد الهادي بن حسن وهبي    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست