responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن المؤلف : عبد الهادي بن حسن وهبي    الجزء : 1  صفحة : 23
وقالَ الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ رحمه الله - في معنى حديثِ الجاريةِ -: وأمَّا قولهُ في هذا الحديثِ للجاريةِ: «أينَ الله؟»، فعلى ذلكَ جماعةُ أهلِ السنَّةِ، وهمْ أهلُ الحديثِ، ورواتهُ المتفقِّهونَ فيهِ، وسائرُ نقلتهِ، كلُّهم يقولُ مَا قَالَ الله تعالى فِي كتابهِ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ فِي السَّمَاء وعلمهُ في كلِّ مكانٍ، وهوَ ظاهرُ القرآنِ في قولهِ عزَّ وجلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16]، وبقولهِ عزَّ وجلَّ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، وقولهِ: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4]. ومثلُ هذا كثيرٌ في القرآنِ .. وليسَ في الحديثِ معنًى يُشْكِلُ غيرُ ما وصفنَا.
ولمْ يَزَلِ المسلمونَ إذا دَهَمَهُم أمرٌ يُقلقهم فَزَعوا إلى ربِّهم، فرفَعُوا أيديَهم وأَوْجُهَهُم نحوَ السَّمَاءِ يدعونَهُ، ومخالفونَا ينسبونَا في ذلكَ إلى التَّشبيهِ، واللهُ المستعانُ. ومَنْ قالَ بما نطقَ بهِ القرآنُ، فلا عيبَ عليهِ عندَ ذوي الألبابِ [1].
وقالَ شيخُ الاسلامِ ابنُ تيميَّةَ رحمه الله: والجاريةُ التي قالَ لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ اللهُ؟»، قَالَتْ: فِي السَّماءِ. قَالَ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ». وإنَّما أخبرتْ عَنِ الفطرةِ التي فطرهَا الله تعالى عليهَا، وأقرَّها النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلكَ، وشهدَ لها بالإيمانِ. فليتأمَّلِ العاقلُ ذلكَ يَجِدهُ هاديًا لهُ على معرفةِ ربِّهِ، والإقرارِ بهِ كما ينبغي، لا ما أَحْدَثَهُ المتعمِّقونَ والمتشدِّقونَ ممَّنْ سوَّلَ لهمُ الشيطانُ وأمْلَى لهم [2].

[1] الاستذكار (23/ 167 - 168).
[2] مجموع الفتاوى (4/ 62).
اسم الکتاب : الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن المؤلف : عبد الهادي بن حسن وهبي    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست