responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة العقدية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 7  صفحة : 58
ومن المناسب هاهنا أن نورد تعقيباً لابن حجر الهيتمي على ما قاله أحد علماء الأحناف عند ذكره لنواقض الإيمان: (فقال هذا الحنفي [1]: أو قال: إيش مجلس الوعظ، أو العلم لا يثرد [2]، أو وعظ على سبيل الاستهزاء، أو ضحك على وعظ العلم، أو قال: إيش هذا القبيح الذي خففت شاربك، أو قال: بئسما أخرجت السنة) [3] اهـ كلامه.
فعقب ابن حجر قائلاً: (ما ذكره في إيش مجلس الوعظ .. الخ، إنما يتجه إن أراد الاستهزاء، وكذا إن أطلق على احتمال قوي فيه لظهور هذا اللفظ في الاستخفاف بمجلس الوعظ والعلم.
وما ذكره في الوعظ استهزاء إنما يتجه إن أراد الاستهزاء بالواعظ وكذا بالوعظ من حيث هو وعظ، أما لو أراد الاستهزاء بالواعظ، أو بكلماته، لا من حيث كونه واعظاً فلا يتجه الكفر حينئذ، وكذا يقال في الضحك على الوعظ) [4].
ولما كان الاستهزاء بالعلماء والصالحين محتملاً للضربين المذكورين آنفاً، صار محلاً للخلاف [5]، وبهذا التفريق بينهما يزول الإشكال، ويرتفع الخلاف.
3 - وأما وجه كون هذا الاستهزاء يناقض الإيمان، فلما يلي:-
(أ) أن الله عز وجل جعل الاستهزاء بالمؤمنين استهزاء بالله تعالى وآياته ورسوله صلى الله عليه وسلم [6]، فقال تبارك وتعالى:-
قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم [التوبة:65، 66].
فقد جاء في سبب نزول هذه الآيات عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً [7]، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن. قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته متعلقاً بحقب [8] ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنكبه الحجارة، وهو يقول: - يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: - قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم [9])).
ونورد جملة من كلام أهل العلم في بيان ذلك: -
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - في هذا الشأن (وفيه بيان أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها، أو بعمل يعمل به ... ومن هذا الباب الاستهزاء بالعلم وأهله وعدم احترامهم لأجله) [10].

[1] [10651])) لم يذكر ابن حجر الهيتمي اسم هذا العالم
[2] [10652])) لا يثرد من قولهم " ثرد الخبز: أي فته ثم بله بمرق, انظر ((اللسان)) (3/ 102)، وظاهر العبادة السابقة: العلم لا يثرد ... الاستهزاء بالعلم واحتقاره
[3] [10653])) ((الإعلام)) لابن حجر (ص 372 - 373).
[4] [10654])) ((الإعلام)) لابن حجر (ص 372 - 373)
[5] [10655])) انظر ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 68)، و ((الإعلام)) لابن حجر (ص 362).
[6] [10656])) انظر ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (2/ 14 - 15).
[7] [10657])) أي: أوسع بطوناً، انظر ((الفائق في غريب الحديث)) للزمخشري (2/ 69).
[8] [10658])) الحقب: حبل يشد به رحل البعير إلى بطنه. انظر ((الفائق في غريب الحديث)) للزمخشري (1/ 300)
[9] [10659])) رواه ابن جرير في ((التفسير)) (14/ 333) , وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (7/ 313) , قال مقبل الوادعي في ((أسباب النزول)) (122): رجاله رجال الصحيح إلا هشام بن سعد فلم يخرج له مسلم إلا في الشواهد وله شاهد بسند حسن.
[10] [10660])) ((قرة عيون الموحدين)) (ص 217).
اسم الکتاب : الموسوعة العقدية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 7  صفحة : 58
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست