اسم الکتاب : الموسوعة العقدية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 7 صفحة : 304
الفرع الثاني دوافع التشاجر بين الصحابة
إن أعظم دافع لهم إلى ذلك ليس إلا مطالبة الخليفة الرابع بوجوب الإسراع بأخذ القود من أولئك الأشرار قتلة عثمان رضي الله عنه وأرضاه ذلك أن طائفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين كانوا يرون أنه لابد من المطالبة بدم عثمان ووجوب الإسراع بإقامة حد الله عليهم كما أمر الله [1].
بينما كان يرى علي رضي الله عنه إرجاء الأمر حتى يبايعه أهل الشام ويستتب له الأمر ليتسنى له بعد ذلك التمكن من القبض عليهم لأنهم كانوا كثيرين في جيش علي ومن قبائل مختلفة وكانوا لهم بعض التمكن حينذاك.
قال الحافظ ابن كثير: (ولما استقر أمر بيعة علي دخل عليه طلحة والزبير ورؤوس الصحابة – رضي الله عنهم – وطلبوا منه إقامة الحدود والأخذ بدم عثمان فاعتذر إليهم بأن هؤلاء لهم مدد وأعوان، وأنه لا يمكنه ذلك يومه هذا) [2] اهـ.
ومما يؤكد أن سبب البداية للتشاجر بين الصحابة هو قتل عثمان رضي الله عنه (أن علياً رضي الله عنه بعد أن بويع له بالخلافة شرع في إرسال عماله إلى الأمصار فكان من أرسله إلى الشام بدل معاوية سهل بن حنيف فسار حتى بلغ تبوك فتلقته خيل معاوية فقالوا: من أنت؟ فقال: أمير قالوا: على أي شي؟ قال: على الشام فقالوا: إن كان عثمان بعثك فحيهلا بك وإن كان غيره فارجع فقال: أو ما سمعتم بالذي كان؟ قالوا بلى فرجع إلى علي، وأما قيس بن سعد بن عبادة – فاختلف عليه أهل مصر فبايع له الجمهور، وقالت طائفة: لا نبايع حتى نقتل قتلة عثمان، وكذلك أهل البصرة، وأما عمارة بن شهاب المبعوث أميراً على الكوفة فصده طليحة بن خويلد – الأسدي – غضباً لعثمان فرجع إلى علي فأخبره) [3] (وقام في الناس معاوية وجماعة من الصحابة معه، يحرضون الناس على المطالبة بدم عثمان، ممن قتله من أولئك الخوارج منهم عبادة بن الصامت وأبو الدرداء وأبو أمامة، وعمرو بن عنبسة وغيرهم من الصحابة والتابعين: شريك بن حباشة وأبو مسلم الخولاني، وعبد الرحمن بن غنم ... وغيرهم من التابعين) [4]. (ولما كان رأي كل واحد من الفريقين مضاداً لرأي الآخر من هنا اختلفت الكلمة وتفاقم الأمر، وانتشرت الفتنة فما كان من علي رضي الله عنه وهو الخليفة الحق الذي تجب طاعته إلا أن قام بإرسال الكتب المتتابعة إلى معاوية رضي الله عنه يدعوه فيها إلى البيعة غير أن معاوية رضي الله عنه لم يرد شيئا فكرر عليه علي رضي الله عنه ذلك مراراً إلى أن دخل الشهر الثالث من مقتل ذي النورين رضي الله عنه، ثم بعث بعد ذلك طوماراً من رجل فدخل به على علي فقال: ما وراءك؟ قال جئتك من عند قوم لا يريدون إلا القود كلهم موتور ... فقال علي: أمني يطلبون دم عثمان؟ ألست موتوراً كترة عثمان؟ اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان) [5]. [1] انظر: ((تاريخ الأمم والملوك)) (4/ 462 - 464، 5/ 6)، ((الكامل في التاريخ)) (3/ 212 - 213)، (ص: 286)، ((البداية والنهاية)) (7/ 251 - 253)، (ص: 281 - 282). [2] ((البداية والنهاية)) (7/ 248 - 249)، وانظر ((تاريخ الأمم والملوك)) للطبري (4/ 437)، ((الكامل)) لابن الأثير (3/ 195 - 196). [3] ((تاريخ ابن جرير الطبري)) (4/ 442)، كتاب ((الكامل)) لابن الأثير (3/ 201)، ((البداية والنهاية)) (7/ 249 - 250). [4] ((البداية والنهاية)) (7/ 248). [5] ((تاريخ الطبري)) (4/ 444).
اسم الکتاب : الموسوعة العقدية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 7 صفحة : 304