اسم الکتاب : الموسوعة العقدية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 7 صفحة : 294
[2] - من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم
كأن يتهمهم بالكفر أو الفسق، وكان ممن تواترت النصوص بفضله كالخلفاء:
فذلك كفر – على الصحيح – لأن في هذا تكذيباً لأمر متواتر.
روى أبو محمد بن أبي زيد عن سحنون، قال: (من قال في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي: إنهم كانوا على ضلال وكفر. قتل. ومن شتم غيرهم من الصحابة بمثل ذلك نكل النكال الشديد) [1].
وقال هشام بن عمار: (سمعت مالكاً يقول: من سب أبا بكر وعمر قتل. ومن سب عائشة رضي الله عنها قتل؛ لأن الله تعالى يقول فيها: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [النور: 17]. فمن رماها فقد خالف القرآن. ومن خالف القرآن قتل) [2].
أما قول مالك رحمه الله في الرواية الأخرى: (من سب أبا بكر جلد، ومن سب عائشة قتل. قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن) [3]. فالظاهر والله أعلم أن مقصود مالك رحمه الله هنا في سب أبي بكر رضي الله عنه فيما دون الكفر، يوضحه بقية كلامه عن عائشة رضي الله عنها، حيث قال: (من رماها فقد خالف القرآن). فهذا سب مخصوص يكفر صاحبه – ولا يشمل كل سب – وذلك لأنه ورد عن مالك القول بالقتل فيمن كفر من هو دون أبي بكر [4].
قال الهيثمي، مشيراً إلى ما يقارب ذلك عند كلامه عن حكم سب أبي بكر: (فيتلخص أن سب أبي بكر كفر عند الحنفية، وعلى أحد الوجهين عند الشافعية، ومشهور مذهب مالك أنه يجب به الجلد، فليس بكفر. نعم: قد يخرج عنه ما مر عنه في الخوارج أنه كفر. فتكون المسألة عنده على حالين: إن اقتصر على السب من غير تكفير لم يكفره وإلا كفر) [5].
وقال أيضاً: (وأما تكفير أبي بكر ونظرائه ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة فلم يتكلم فيها أصحاب الشافعي. والذي أراه الكفر فيها قطعاً) [6].
وقال الخرشي: (من رمى عائشة بما برأها الله منه ... ، أو أنكر صحبة أبي بكر، أو إسلام العشرة، أو إسلام جميع الصحابة، أو كفر الأربعة، أو واحداً منهم، كفر) [7].
وقال البغدادي: (وقالوا بتكفير كل من كفر واحدا من العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وقالوا بموالاة جميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفروا من كفرهن، أو كفر بعضهن) [8].
والمسألة فيها خلاف مشهور، ولعل الراجح ما تقدم، وأما القائلون بعدم كفر من هذه حاله، فقد أجمعوا على أنه فاسق، لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب، يستحق التعزير والتأديب، على حسب منزلة الصحابي، ونوعية السب.
وإليك بيان ذلك:
قال الهيثمي: (أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق) [9].
وقال ابن تيمية: (قال إبراهيم النخعي: كان يقال: شتم أبي بكر وعمر من الكبائر). وكذلك قال أبو إسحاق السبيعي: شتم أبي بكر وعمر من الكبائر التي قال الله تعالى فيها: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء: 31].
وإذا كان شتمهم بهذه المثابة، فأقل ما فيه التعزير؛ لأنه مشروع في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة. [1] ((الشفا)) للقاضي عياض (2/ 1109). [2] ((الصواعق المحرقة)) (ص: 384). [3] ((الشفا)) للقاضي عياض (2/ 1109)، ((الصارم المسلول)) (ص: 571). [4] ((الشفا)) (2/ 1109). [5] ((الصواعق)) (ص: 386). [6] ((الصواعق)) (ص: 385). [7] ((الخرشي على مختصر خليل)) (8/ 74). [8] ((الفرق بين الفرق)) (ص: 360). [9] ((الصواعق المحرقة)) (ص: 383).
اسم الکتاب : الموسوعة العقدية - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 7 صفحة : 294