اسم الکتاب : شرح الوصية الكبرى المؤلف : الغفيص، يوسف الجزء : 1 صفحة : 13
منزلة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى
قال المصنف رحمه الله: [سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وهو للحمد أهل، وهو على كل شيء قدير، ونسأله أن يصلي على خاتم النبيين وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، وأكرم الخلق على ربه، وأقربهم إليه زلفى، وأعظمهم عنده درجة، محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا].
ثبت أنه عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق على الله سبحانه، وأنه أول من يدخل الجنة، وأول من يستفتح، وقال عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد ولد آدم) وجعله الله النبي الخاتم؛ ولذلك كانت أمته خير الأمم، وكان أصحابه خير الأصحاب.
ولهذا ينبغي على أتباعه صلى الله عليه وسلم أن يكونوا على جادته وهديه من حيث أن رسالته رسالة عامة، فهي ليست رسالة خاصة بإقليم أو بقوم أو بزمان، بل رسالة مطردة لكل مكان، وصالحة لكل زمان؛ ولذلك إذا حمل الإنسان هذا العلم، فينبغي أن يكون فقيهاً في حمله، فيأتي كل بيئة من البيئات بما يناسبها من الفقه الشرعي، وهذا لا شك أن الحال فيه يختلف، فالفقه الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي عليه أصحابه بمكة ليس هو الذي كان عليه أصحابه بالمدينة، فقد حصل بالمدينة أمور لم تحصل حين كان عليه الصلاة والسلام بمكة، وفي عهد الخلفاء الراشدين حصلت أمور لم تكن موجودة في زمنه صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الفقه الشرعي الذي ينبغي لطالب العلم أن يقصد إليه.
ولذلك من كرم هذا النبي على الله -إشارة إلى أنه خاتم الأنبياء- أن الله سبحانه وتعالى حينما يذكر الأنبياء في القرآن يسميهم بأسمائهم، كقوله تعالى عن موسى: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} [الشعراء:10] وكذلك في نداء الله لإبراهيم، وفي نداء الله لعيسى، لكن محمداً صلى الله عليه وسلم ما ناداه الله باسمه، إنما أخبر عنه باسمه {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح:29]، لكن لم يناد الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً على وجه النداء باسمه، وإنما ناداه باسم النبوة والرسالة {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم:1]، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب:1] ..
إلخ.
وهذا إشارة إلى قدر عظم نبوته وأنها النبوة الخاتمة، وإذا كان كذلك فعلى من يحمل هذا العلم أن يتخوض فيه بحق وبعدل، وإذا لم تسع نفسه أو طبعه فقد أقول كلمة يراها البعض صعبة لكني أنقلها وأنا مطمئن إليها: الزيادة من العلم عندما لا تلزمه معرفتها في عبادته تركه لهذه الزيادة أولى من دخوله فيها إذا كانت نفسه على هذا الوجه من الانغلاق، فلا يدخل في العلم حتى يربي نفسه على تزكية النفس التي هي من أخص مقاصد المرسلين؛ فإن إبراهيم عليه السلام لما دعا ربه لم يطلب نبياً يعلم الناس فقط، بل قال: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} [البقرة:129]، فتزكية النفس من أخص مقاصد الرسالات التي نزلت على أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام.
اسم الکتاب : شرح الوصية الكبرى المؤلف : الغفيص، يوسف الجزء : 1 صفحة : 13