اسم الکتاب : شرح الوصية الكبرى لابن تيمية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 12
إعراب كلمة لا إله إلا الله ومعناها
إعراب كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) على النحو التالي: لا: نافية للجنس من أخوات إن تنصب الاسم وترفع الخبر، وإله اسمها، والخبر محذوف تقديره حق، والإله: هو المعبود، والمعنى: لا معبود حق إلا الله، وهذا خلاف ما عليه أهل البدع من الأشاعرة الذين يفسرون الإله بأنه القادر على الاختراع، فيقولون: معنى لا إله إلا الله: لا خالق إلا الله، أو لا قادر إلا الله، وهذا من أبطل الباطل؛ لأنه لو كان معنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله): لا خالق إلا الله، لما حصل نزاع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، فإن المشركين يقولون: لا خالق إلا الله، لا قادر على الاختراع إلا الله، فهم يقرون بذلك، فلو كان معنى: لا إله الله كما يقوله أهل البدع: لا خالق إلا الله؛ لصالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين ولصار بينه وبينهم موافقة، لأنهم مقرون بأنه لا خالق إلا الله، لكنهم يأبون أشد الإباء أن يفردوا الله بالعبادة، ولا يتبين عظمة هذه الكلمة التي تنفي الشرك وتبطل عبادة جميع الآلهة إلا إذا فسر الله بالمعبود، وقدر الخبر بأنه حق، أي: لا معبود حق إلا الله، والآلهة الموجودة التي عبدت من دون الله كثيرة، فالشمس إله لبعض الناس وقد عبدت، والقمر إله لبعض الناس، والنجم إله لبعض الناس، والبشر والحجر والنجوم والكواكب والجن والملائكة كلها عبدت من دون الله، وهذه العبادات كلها باطلة، والعبادة بالحق هي عبادة الله، قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج:62].
وقال سبحانه: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} [هود:101]؛ لأنها آلهة باطلة، قال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:1 - 6]، إذاً: الكفار يعبدون معبودات لكنها باطلة، ولهم دين، لكنه باطل: ((لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)).
وقال سبحانه عن أهل الكتاب: {وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} [آل عمران:73]، إذاً: هم على دين، لكنه باطل، ولهم عبادة وآلهة لكنها آلهة باطلة، فكلمة لا إله إلا الله تبطل جميع الآلهة المعبودة من دون الله، وتثبت الإلهية لله عز وجل، وهي مشتملة على نفي وإثبات، مشتملة على البراءة من كل معبود سوى الله وهذا هو الكفر بالطاغوت، ومشتملة على الإيمان بالله وتوحيد الله، فكلمة التوحيد فيها كفر وإيمان، كفر بالطاغوت في قولك: لا إله، وإيمان بالله في قولك: إلا الله، قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:256].
ومعنى الكفر بالطاغوت هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، واعتقاد بطلانها ونفيها وإنكارها.
اسم الکتاب : شرح الوصية الكبرى لابن تيمية المؤلف : الراجحي، عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 12