تقدير المحذوف المتعلق بالبسملة
قال الشارح رحمه الله: [والباء في (باسم الله) متعلقة بمحذوف، اختار كثير من المتأخرين: كونه فعلاً خاصاً متأخراً.
أما كونه فعلاً فلأن الأصل في العمل للأفعال.
وأما كونه خاصاً فلأن كل مبتدىء بالبسملة في أمر يضمر ما جعل البسملة مبدأً له.
وأما كونه متأخراً: فلدلالته على الاختصاص، وأدخل في التعظيم، وأوفق للوجود؛ ولأن أهم ما يبدأ به ذكر الله تعالى.
وذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى لحذف العامل فوائد منها: أنه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه غير ذكر الله.
ومنها: أن الفعل إذا حذف صح الابتداء بالبسملة في كل عمل وقول وحركة، فكان الحذف أعم.
انتهى ملخصاً].
الكلام على كونه متعلقاً بمحذوف أو بفعل أو بمعنى الفعل، هذا لأنه في اللغة العربية لا يجوز إلا كذلك؛ لأن الجار والمجرور قبله لا بد أن يكون له عامل يعمل به، وسواء قدر فعلاً كما قدره الكوفيون، أو قدر اسماً كما قدره البصريون، فكله صحيح، وإذا قدر فعلاً فمعناه: بسم الله أؤلف، أو باسم الله آكل، أو باسم الله أدخل، أو باسم الله أنام، وما أشبه ذلك، ودل على هذا قول الله جل وعلا: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]، فجعل الجار والمجرور متعلقاً بفعل، وقدم هنا لأن المقام يقتضيه، أما تأخيره فيما ذكر فلأنه ينبغي أن يكون أول ما يطرق اللسان ويواطئ اللسان عليه القلب ذكر الله تعالى فكان أنسب، وأما تقديره اسماً بمعنى الفعل فقد جاء في قول الله جل وعلا: {بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} [هود:41]، فـ (مجرى): مصدر، ويأتي بمعنى الفعل، فيصح هذا وهذا، والمقصود أن هذا معروف في لغة العرب، وأنه سواء قدر فعلاً أو اسماً فكلاهما صحيح.