قال الحافظ في الفتح: " وَكَأَنَّ البُخَارِي أَرَادَ بِهَذِهِ الْمُتَابَعَة إثبات الطريق إلى عبدالعزيز ابن أبي سلمة؛ لأَنَّ عَبَّاسًا الدَّوْرِيّ رَوَى هذا الحديث عن شَاذَان فَقَالَ: " عَنْ الْفَرَج بْن فَضَالَة عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ نَافِع " فَكَأَنَّ لِشَاذَان فِيهِ شَيْخَيْنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " [1].
قلتُ: وهذا دأب البخاري في جامعه كله، فإنَّهُ يأتي بالرواية التي قد تكون فيها شبهة عدم السماع مثلاً، ثم يأتي بمتابعة ليثبت السماع على مذهبه المشهور، وقد أخذ البخاري هذا عن شيوخه منهم شيخ شيوخه يحيى بن سعيد القطان، فإنَّه كان ينكر على همام بن يحيى العَوْذِي حديثه فلمَّا تابعه معاذ بن هشام الدستوائي سكت عنه، نقل هذا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل فقال: " قال: عمر بن شبة قال: سمعت عفان يقول: كان يحيى بن سعيد يعترض على همام في كثير من حديثه، فلمَّا قدم معاذ بن هشام نظرنا في كتبه فوجدناه يوافق هماما في كثير مما كان يحيى ينكره عليه فكف يحيى بعد عنه " [2] فظهر لك كيف كان منهج الأئمة النُّقاد في استعمال المتابعة وأثرها في ترجيح المرويَّات، لم يختلف فيهم أحد في طريقة الترجيح بالمتابعات، والله أعلم. [1] البخاري: في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عثمان بن عفان (ج7/ص67 - 68)، بعد حديث برقم (3697). [2] ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (ج9/ 108).
اسم الکتاب : منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل المؤلف : الداودي، يوسف بن جودة الجزء : 1 صفحة : 360