قلتُ: والعلة التي أشار إليها البزار هي اختلاط سعيد بن أبي عروبة قبل موته، وقد ثبت أنَّ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ سمع منه بعد الاختلاط، قال الحافظ ابن رجب: " قال أبو نعيم الفضل بن دُكَين: كتبت عن سعيد، جاء ابن أبي عدي إلى ابن أبي عروبة بآخره يعني وهو مختلط " [2].
وقد أرَّخ الإمام أحمد لتاريخ الاختلاط فقَالَ عبدُاللهِ بن أحمد: " قال أبي ومن سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الهزيمة فسماعه جيد ومن سمع بعد الهزيمة [3]، كأن أبي ضعفهم. فقلت له: كان سعيد اختلط؟ قال: نعم، ثم قال من سمع منه بالكوفة مثل محمد بن بشر، وعبدة فهو جيد، ثم قال قدم سعيد الكوفة مرتين قبل الهزيمة " [4].
قلتُ: وليس كل من اختلط أو تغير حاله أرَّخ له النُّقاد، بل يوجد بعض ممن طرأ على حاله الاختلاط أو التغير، ولم يحدد النُّقاد تاريخ ذلك التغير، إلا إنَّ لهم مؤشرات أخري يعتمدون عليها لتحديد من سمع قبل الاختلاط، ومن سمع بعده، وبنهاية هذا المطلب ينتهي مبحث القرائن الإسنادية، يظهر لنا أهمية معرفة أحوال الرواة عند الدارقطني والنُّقاد المتقدمين، والله الموفق. [1] الإمام البزار: المسند (البحر الزَّخار)، (ج1/ص496)، رقم (875). [2] ابن رجب: شرح علل الترمذي (ص397). [3] قال الإمام أحمد: في العلل ومعرفة الرجال (ج1/ص 163) "وكانت الهزيمة في سنة خمس وأربعين ومائة "، قلتُ: فيكون بداية الاختلاط من سنة (145هـ)، فمن سمع بعدها فلا يثبت حديثه، ومن سمع من سعيد بن أبي عروبة قبلها فحديثه صحيح مقبول. [4] الإمام أحمد: العلل ومعرفة الرجال، (ج1/ص 163)، سؤال رقم (86).
اسم الکتاب : منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل المؤلف : الداودي، يوسف بن جودة الجزء : 1 صفحة : 337