اسم الکتاب : منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل المؤلف : الداودي، يوسف بن جودة الجزء : 1 صفحة : 308
المبحث الأول: دلائل العلة.
المطلب الأول: التفرد ودلالته كقرينة عند النُّقاد والدارقطني.
التفرد من أهم الدلائل على العلة عند النُّقاد المتقدمين وعلى رأسهم الدارقطني، ولقد وصف الحافظ ابن رجب كيفية استعمال المتقدمين لدلالة التفرد فقال: " وأمَّا أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد - وإن لم يرو الثقات خلافه -: إنَّه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه " [1].
فالتفرد ليس علةٌ في ذاته، وإنَّما يدل عَلَى وجود خللٍ ما في الخبر أو الرواية، وقد يحدث ذلك من الثقة أوالضعيف على السواء، قَالَ الإمام مُسْلِم بن الحجاج: " فليس من ناقل خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا - وإن كَانَ من أحفظ الناس وأشدهم توقياً وإتقاناً لما يحفظ وينقل - إلا الغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله " [2].
وَقَالَ الترمذي: " وإنَّما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان والتثبت عند السماع، مع أنَّه لَمْ يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم " [3].
ثمَّ ساق الترمذي أمثلة من الروايَّات التي تبرهن عَلَى تفاوت أهل العلم في الحفظ، وتفاضلهم في الضبط وقلة الخطأ، ثُمَّ قَالَ: " والكلام في هَذَا والرواية عَنْ أهل العلم تكثر وإنما بيّنا شيئاً مِنْهُ عَلَى الاختصار ليُستدل بِهِ عَلَى منازل أهل العلم وتفاضل بعضهم عَلَى بعض في الحفظ والإتقان، ومن تُكلمَ فِيْهِ من أهل العلم لأي شيء تُكلمَ فِيْهِ " [4]. [1] ابن رجب: شرح علل الترمذي، (ص272 - 273). [2] الإمام مسلم: التمييز، (ص 124). [3] الإمام الترمذي: علل الترمذي الصغير آخر جامعه، (ج6/ص240). [4] المصدر السابق، (ج6/ص244).
اسم الکتاب : منهج الإمام الدارقطني في نقد الحديث في كتاب العلل المؤلف : الداودي، يوسف بن جودة الجزء : 1 صفحة : 308