اسم الکتاب : فتاوى النووي المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 271
وأما الرجل الثاني: فمخطىء في كل ما قاله، وعليه التعزير في قوله، ولا يجوز الكلام في هذا، ولا التفضيل؛ إِلا أن يكون جاهلًا لا يعلم قولَ الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [1]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [2]، وفي الحديث الصحيح المشهور: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "انا سَيّدُ ولدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ"، وأما الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تفَضِّلُوا بينَ الأنبياء"، فأجاب العلماء عنه بخمسة أجوبة مشهورة:
1 - أحدها: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى قبل أن يعلم أنه أفضلُهم، فلما علم قال: "أنَا سَيّدُ ولدِ آدَمَ".
2 - والثاني: أنه نهى عن تفضيلٍ يؤدي إِلى الخصومة، كما ثبت في الصحيح في سبب هذا الحديث من لطم المسلم اليهودي.
3 - والثالث: نهى عن تفضيلٍ يؤدي إِلى تنقيص بعضهم لا كل
تفضيل، ويؤيد هذا قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [3].
4 - والرابع: قاله تواضعًا.
5 - والخامس: نهى عن التفضيل في نفس النبوة، لا في ذوات الأنبياء، وعموم رسالاتهم، وزيادة خصائصهم ([4]) "والله أعلم".
* * * [1] سورة البقرة: الآية 253. [2] سورة الإسراء: الآية 55. [3] سورة الإسراء: الآية 55. [4] أجمعت الأمة على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض، وعلى أن سيدنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الكل ويدل عليه وجوه:
أحدها: قوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. سورة الأنبياء: الآية 107، فلما كان رحمةً لكل العالمين لزم أن يكون أفضلَ من كل العالمين. =
اسم الکتاب : فتاوى النووي المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 271