اسم الکتاب : فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي المؤلف : الخليلي، محمد الجزء : 1 صفحة : 107
المسجد الحرام، وهو لا يعقل، فما بالك بالأنبياء الكرام الذين هم أشرف الخلق وأفضلهم، فقد قالوا في تعريف النبي الشامل للرسول أنه أفضل معاصريه خلقا وخلقا وعقلا وفطنة وقوة، وأنه معصوم، ولو من صغيرة سهوا، ولو قبل النبوة سليم من دناءة أب وخناء أم وإن عليا، ومن منفر كعمى وجذام وبرص، ولا يرد بلاء أيوب وعمى يعقوب بناء على أنه حقيقي لطروه بعد الإنباء، ومن قلة مروءة كأكل بطريق، ومن دناءة صنعة كحجامة إلى آخر ما ذكروه في تعريف النبي والرسول.
إذا علمت ذلك علمت أن الأنبياء الكرام ينزهون عن القذرات، ولو كانت طاهرة، ولو من أهل الإسلام، فما بالك بأهل الكفر والنفاق، بل نفس أبدان أهل الكفر قذرة، ولو كانت نظيفة بحسب الظاهر،} إنما المشركون نجس {، فيجب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يصون مراقد الأنبياء الكرام من قذرات اليهود والنصارى، وإن اعتقدوه نبيا وعظموه؛ لأنه اعتقاد باطل مخالف للشرع القويم، ولما هو واجب للأنبياء الكرام من التعظيم والتكريم والاحترام، فلا تمكن اليهود والنصارى من الدخول فضلا عن الركوب على مراقد الأنبياء الكرام، فقد رأينا اليهود تفعل من القذرات في مقام النبي شمويل عليه السلام، كحرق الثياب والقذرات والروائح الكريهة، فمما يجب صيانة أقل قبر ومقام لغير الأنبياء الكرام فضلا عن مراقد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسألنا اليهود عن ذلك فقالوا: إنه كان يحب ذلك، فانظر لجهلهم، وقبيح فعلهم، لعنهم الله تعالى} إن هم إلا كَالأَنعَام بَل هم أَضَل سَبيلا {فلذلك منعناهم من زيارته ولله الحمد، وأما ركوب القبور والجلوس عليها من غير الأنبياء، فالجمهور على منعه، فقد روى أحمد ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: "لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر".
وروى أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة "لأن يطأ الرجل على جمرة، خير له من أن يطأ على قبر" وعبارة ابن حجر مع المنهاج: ولا يجلس على القبر الذي لمسلم، ولو مهدرا فيما يظهر، ولا يستند إليه، ولا يتكئ عليه احتراما له إلا لضرورة كأن لم يصل إلى قبر ميته، أو لا يتمكن من الحفر إلا به. انتهى.
هذا في قبور غير الأنبياء مع أن الجالس مسلم، فكيف بالكافر مع الأنبياء الكرام، فيمنع ويعزر التعزير اللائق به، فقد قال العلماء: إن الزائر، يحترم الميت احترامه له حيا، فيتأدب معه مثل ما لو كان حيا، ولو كانت الأنبياء أحياء كان يجب تباعد هؤلاء الكفرة عنهم، وقد قالوا في كيفية زيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الزائر يقف قبالة وجهه الشريف جاعلا ظهره إلى القبلة المشرفة ووجهه لوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته،
اسم الکتاب : فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي المؤلف : الخليلي، محمد الجزء : 1 صفحة : 107