اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الرابع، القسم الثاني) المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 701
نوح ربه نجاة ابنه أنكر عليه سؤاله وقال {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [1].
"الوجه الثالث" أنه أجابه بقوله: {لَنْ تَرَانِي} [2] ولم يقل: إني لا أرى، ولا: إني لست بمرئي، أو: لا تجوز رؤيتي، والفرق بين الجوابين ظاهر لمن تأمله، وهذا يدل على أنه –سبحانه- مرئي، ولكن موسى لا تحمل قواه رؤيته في هذا الدار، لضعف قوة البشر عن رؤيته –تعالى-. يوضحه:
{الوجه الرابع" وهو قوله: {وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [3] فأعلمه أن الجبل مع قوته وصلابته لا يثبت، لتجليه له في هذه الدار، فكيف بالبشر الضعيف، الذي خلق من ضعف؟
"الوجه الخامس" أن الله -سبحانه- قادر على أن يجعل الجبل مستقرا مكانه، وليس هذا بممتنع في مقدوره، بل هو ممكن، وقد علق به الرؤية، ولو كانت محالا في ذاتها لم يعلقها بالممكن في ذاته.
"الوجه السادس" قوله: {لَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} [4] وهذا من أبين الأدلة على جواز رؤيته -تبارك وتعالى- فإنه إذا جاز أن يتجلى للجبل، الذي هو جماد لا ثواب له ولا عقاب، فكيف يمتنع أن يتجلى لأنبيائه ورسله وأوليائه في دار كرامته، ويريهم نفسه؟ فأعلم –سبحانه- موسى –عليه السلام- أن الجبل إذا لم يثبت لرؤيته في هذه الدار، فالبشر أضعف.
"الوجه السابع" أن الله -سبحانه- قد كلمه منه إليه، وخاطبه وناجاه وناداه، ومن جاز عليه التكلم والتكليم، وسمع كلامه بغير واسطة فرؤيته أولى بالجواز، ولهذا لا يتم إنكار الرؤية إلا بإنكار التكليم.
وقد جمعت هذه الطوائف بين إنكار الأمرين فأنكروا أن يكلم الله أحدا أو يراه [1] سورة هود آية: 46، 47. [2] سورة الأعراف آية: 143. [3] سورة الأعراف آية: 143. [4] سورة الأعراف آية: 143.
اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الرابع، القسم الثاني) المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 701