وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [1]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [2].
ولقد أحسن من قال في بيان التوحيد، أي توحيد الإلهية:
فالقصد وجه الله بالأقوال والأ ... عمال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من إشراكه ... ويصير حقا عابد الرحمن
[الشرك بالله مسبة لله]
وبهذا يعلم أن الشرك بالله مسبة لله، وتنقيص له، ورغبة عنه إلى غيره، وهضم لربوبيته تعالى. فمعظم هؤلاء الجاحدون لتوحيد الله مخلوقه وعبده لتنقصهم لله تعالى، ومسبتهم له، بزعمهم أن معبوديهم صالحون وأولياء، فأنزلوهم منْزلة الله، وسلبوا لهم حقه، والنبي والصالح حقه متابعته فيما هو فيه من التوحيد، والعمل الذي صار به صالحا، فلم يقتدوا بهم في الدين ولا في العمل، فأخذوا حقهم من الاقتداء بهم في الدين واتباعهم، وحرفوه لجهال المتفلسفة، ومن أخذ عنهم كشارح المشارق، وأمثاله من المحرفين.
[مشابهة الأمة للأمم السابقة]
الوجه السابع: أن مما يبين خطأ المجيب وضلاله مع ما تقدم من الأوجه ما أخرجه الترمذي بسنده عن أبي واقد الليثي قال:
"خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط. فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} لتركبن سنن من كان قبلكم".
وفي هذا الحديث من الفوائد أن التبرك بالأشجار ونحوها شرك وتأليه لغير الله، ولهذا شبه قولهم [1] سورة الأعراف آية: 43. [2] سورة يونس آية:57، 58.