responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى الشبكة الإسلامية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2575
شكى الخالق للمخلوق.. غاية الجهل
ƒـ[حكم من يشكو الخالق للمخلوق. وما النصيحة التى تقدمونها؟]ـ
^الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فشكوى العبد ربه إلى الخلق معصية قبيحة تدل على جهالات صاحبها، فهو جاهل بقدر ربه جل وعلا، وبأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وهو أيضا جاهل بنفسه وجاهل بغيره من المخلوقين.

قال الغزالي في إحياء علوم الدين: والشكوى معصية قبيحة من أهل الدين، وكيف لا تقبح الشكوى من ملك الملوك وبيده كل شيء إلى عبد مملوك لا يقدر على شيء، فالأحرى بالعبد إن لم يحسن الصبر على البلاء والقضاء وأفضى به الضعف إلى الشكوى أن تكون شكواه إلى الله تعالى؛ فهو المبلي والقادر على إزالة البلاء. وذل العبد لمولاه عز، والشكوى إلى غيره ذل، وإظهار الذل للعبد مع كونه عبدا مثله ذل قبيح.

وقال ابن القيم في الفوائد: الجاهل يشكو الله إلى الناس، وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه؛ فانه لو عرف ربه لما شكاه، ولو عرف الناس لما شكا إليهم، ورأى بعض السلف رجلا يشكو إلى رجل فاقته وضرورته، فقال: يا هذا والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك. وفي ذلك قيل:

إذا شكوت إلى ابن آدم إنما * تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

والعارف إنما يشكو إلى الله وحده. وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس، فهو يشكو من موجبات تسليط الناس عليه، فهو ناظر إلى قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فما كسبت أيديكم} ، وقوله: {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} ، وقوله: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم} . فالمراتب ثلاثة: أخسها أن تشكو الله إلى خلقه، وأعلاها أن تشكو نفسك إليه، وأوسطها أن تشكو خلقه إليه. اهـ

وننصح من وقع في ذلك أن يتقي الله سبحانه وتعالى، ويتأدب معه، ويعرف قدر ربه وقدر نفسه، وليعلم أن دأب المؤمن إحسان الظن بربه وإساءة الظن بنفسه، وليتذكر قوله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} وقوله سبحانه: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} .

وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 99498، 120717، 28045، 35549.

والله أعلم.
‰15 جمادي الثانية 1430

اسم الکتاب : فتاوى الشبكة الإسلامية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2575
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست