responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتاوى الشبكة الإسلامية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2460
اختيار المرء لزوجته لا ينافي كونه بمشيئة الله وقدرته
ƒـ[يقولون إنه عندما يولد الإنسان يكتب له من سوف يتزوج وكم طفل سيرزق؟ وآخرون يقولون نحن من نختار الشريك وليست قدرا مكتوبا، والقرآن الكريم يقول: وجعل بينكم مودة ورحمة.

وألفت بين قلوبهم.

فما حكم القدر في الزواج؟ وهل اللعب بورق الشدة يجلب الشياطين؟.]ـ
^الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تدل دلالة صريحة على إثبات قدر الله بمراتبه، من علم الله بما كان وما هو كائن وما سيكون وكتابته لمقادير الخلق قبل أن يخلقهم ومشيئته وخلقه.

فالعلم والكتابة في قوله تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ {الحج: 70} .

والمشيئة في قوله تعالى: وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاء {إبراهيم: 27} .

وقوله: وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ {الأنعام: 112} .

والخلق في قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات: 96} .

والنصوص في إثبات القدر ومراتبه كثيرة جدا، ومنها كذلك النصوص المشار إليها في السؤال، وهي: قوله تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً {الروم:21} .

وقوله: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {الأنفال: 63} .

وحديث عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو الصادق المصدوق ـ قال: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا، فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح. إلخ الحديث. متفق عليه.

والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية وقدرة عليها، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.

أما الشرع: فقد قال الله تعالى في المشيئة: فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا {النبأ:39} .

وقال: فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ {البقرة:223} .

وقال في القدرة: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا {التغابن:16} .

وقال: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ {البقرة:286} .

وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل وبهما يترك، ويفرق بين ما يقع بإرادته كالمشي، وما يقع بغير إرادته كالارتعاش، لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى وقدرته.

لقول الله تعالى: لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {التكوير:28، 29} .

ولأن الكون كله ملك لله تعالى، فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته، وانظر لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 4054، ورقم: 26413.

والزواج من هذا القبيل، فلا تعارض بين تقدير الله له وبين اختيار العبد للزواج بمن يريد، لكن اختيار العبد تابع لاختيار الله، فلو لم يكن الله قد قدر له هذا الاختيار لما اختاره.

وأما تأليف القلوب وعكسه، فهو ـ أيضا ـ بقدر الله عز وجل، إلا أن الله سبحانه قدر المسببات وقدر لها أسبابها فإذا قدر تأليفا بين قلوب بعض العباد، فإنه يقدر أيضا أسباب هذا التأليف، وإذا قدر الاختلاف والتنافر، فإنه يقدر أيضا أسبابه، كتعاطي الخمر ولعب الميسر والنرد ونحو ذلك.

قال تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {المائدة:91} .

وانظر الفتوى رقم: 80224.

ولا شك أن المعاصي والغفلة عن ذكر الله تجلب الشياطين وتقربهم من الإنسان، قال تعالى: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ {الزخرف:36} .

أي: قيَّض له الرحمن شيطانا مريدا يقارنه ويصاحبه ويعده ويمنيه ويؤزه إلى المعاصي أزا.

أما ورق الشدة فلا ندري ماذا تقصد به؟.
والله أعلم.
‰10 ذو القعدة 1430

اسم الکتاب : فتاوى الشبكة الإسلامية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2460
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست