responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موقع الإسلام سؤال وجواب المؤلف : المنجد، محمد صالح    الجزء : 1  صفحة : 421
هل هناك حديث يخبر عن حظر تجاري يقع على بلاد العراق والشام ومصر؟
ƒـ[هناك حديث عن حظر تجاري على العراق والشام ومصر؛ فهل حدث هذا بالفعل، أم أنه الوضع الظاهر أمام أعيننا؟]ـ
^الحمد لله
يبدو أن الحديث المشار إليه في السؤال هو ما رواه مسلم في صحيحه (2896) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنَعَتْ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتْ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ) شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ.
وروى البخاري (3180) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا؟ فَقِيلَ لَهُ وَكَيْفَ تَرَى ذَلِكَ كَائِنًا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ إِي وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ. قَالُوا عَمَّ ذَاكَ؟ قَالَ تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَشُدُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيَمْنَعُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ) .
قال النووي رحمه الله:
" وَفِي مَعْنَى مَنَعَتْ الْعِرَاق وَغَيْرهَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدهمَا لِإِسْلَامِهِمْ , فَتَسْقُط عَنْهُمْ الْجِزْيَة , وَهَذَا قَدْ وُجِدَ.
وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَشْهَر أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَجَم وَالرُّوم يَسْتَوْلُونَ عَلَى الْبِلَاد فِي آخِر الزَّمَان , فَيَمْنَعُونَ حُصُول ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِم هَذَا بَعْد هَذَا بِوَرَقَاتٍ عَنْ جَابِر قَالَ: يُوشِك أَلَّا يَجِيء إِلَيْهِمْ قَفِيز وَلَا دِرْهَم قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ مِنْ قِبَل الْعَجَم , يَمْنَعُونَ ذَاكَ. وَذَكَرَ فِي مَنْع الرُّوم ذَلِكَ بِالشَّامِ مِثْله , وَهَذَا قَدْ وُجِدَ فِي زَمَاننَا فِي الْعِرَاق , وَهُوَ الْآن مَوْجُود.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ يَرْتَدُّونَ فِي آخِر الزَّمَان , فَيَمْنَعُونَ مَا لَزِمَهُمْ مِنْ الزَّكَاة وَغَيْرهَا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْكُفَّار الَّذِينَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَة تَقْوَى شَوْكَتهمْ فِي آخِر الزَّمَان فَيَمْتَنِعُونَ مِمَّا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ مِنْ الْجِزْيَة وَالْخَرَاج وَغَيْر ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ " فَهُوَ بِمَعْنَى الْحَدِيث الْآخَر " بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبًا , وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ " انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" قَوْله: (فَيَمْنَعُونَ مَا فِي أَيْدِيهمْ) أَيْ يَمْتَنِعُونَ مِنْ أَدَاء الْجِزْيَة , قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: أَخْرَجَ مُسْلِم مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث مِنْ وَجْه آخَر عَنْ سُهَيْل عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفْعه " مَنَعَتْ الْعِرَاق دِرْهَمًا وَقَفِيزهَا " وَسَاقَ الْحَدِيث بِلَفْظِ الْفِعْل الْمَاضِي , وَالْمُرَاد بِهِ مَا يُسْتَقْبَل مُبَالَغَة فِي الْإِشَارَة إِلَى تَحَقُّق وُقُوعه , وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِر أَيْضًا مَرْفُوعًا " يُوشِك أَهْل الْعِرَاق أَنْ لَا يُجْتَبَى إِلَيْهِمْ بَعِير وَلَا دِرْهَم , قَالُوا: مِمَّ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَل الْعَجَم يَمْنَعُونَ ذَلِكَ " وَفِيهِ عِلْم مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة , وَالتَّوْصِيَة بِالْوَفَاءِ لِأَهْلِ الذِّمَّة لِمَا فِي الْجِزْيَة الَّتِي تُؤْخَذ مِنْهُمْ مِنْ نَفْع الْمُسْلِمِينَ , وَفِيهِ التَّحْذِير مِنْ ظُلْمهمْ وَأَنَّهُ مَتَى وَقَعَ ذَلِكَ نَقَضُوا الْعَهْد فَلَمْ يَجْتَبِ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ شَْئًا فَتَضِيق أَحْوَالهمْ. وَذَكَرَ اِبْن حَزْم أَنَّ بَعْض الْمَالِكِيَّة اِحْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة " مَنَعَتْ الْعِرَاق دِرْهَمًا " الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْأَرْض الْمَغْنُومَة لَا تُقَسَّم وَلَا تُبَاع وَأَنَّ الْمُرَاد بِالْمَنْعِ مَنْع الْخَرَاج , وَرَدَّهُ بِأَنَّ الْحَدِيث وَرَدَ فِي الْإِنْذَار بِمَا يَكُون مِنْ سُوء الْعَاقِبَة وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَيُمْنَعُونَ حُقُوقهمْ فِي آخِر الْأَمْر , وَكَذَلِكَ وَقَعَ " انتهى.
وينظر: "نيل الأوطار"، للشوكاني (8/ 118) ، "النهاية"، لابن الأثير (1/262) .
والحاصل مما سبق أن الراجح في تفسير الحديث أن الكفار من الروم والعجم سوف يستولون على ملك المسلمين في هذه البلاد، بعدما كانت خاضعة لسلطانهم، فيمنعوا خيرها وخراجها عن المسلمين، وقد تكرر وقوع هذا الأمر مرات ومرات في التاريخ، ومن آخر ذلك استيلاء الاستعمار على هذه البلاد، والقضاء على سلطان الخلافة العثمانية فيها، وتسلط الكفار على أهلها وثرواتها.
وأما الواقع اليوم من تسلط الكفار في العراق، وتحكمهم في ثرواتها وخيراتها، فلا نجزم أن يكون هو المراد بالحديث تحديدا، فالجزم بمثل ذلك مخاطرة تسرع فيها كثير من الناس في مثل هذا الباب، ثم لم يلبث أن تبين خطؤهم وجرأتهم على هذا الباب من العلم.
وإن كان لا يمنع أن يتكرر ذلك مرات، وأن يكون ذلك واحدا منها. بل قد صنعوا فيها ما هو شر من ذلك، إذ منعوا خير العراق عن بلاد المسلمين، ثم حاصروا العراق وأهله، ومنعوا الخير عنهم، ومنعوهم الانتفاع بخيرهم، حتى هلك من هلك من الأطفال، فضلا عن النساء والرجال.
والله أعلم.
‰الإسلام سؤال وجواب

اسم الکتاب : موقع الإسلام سؤال وجواب المؤلف : المنجد، محمد صالح    الجزء : 1  صفحة : 421
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست