اسم الکتاب : موقع الإسلام سؤال وجواب المؤلف : المنجد، محمد صالح الجزء : 1 صفحة : 359
هل سيجد في نعيم الجنة ما يشبع هواياته في الدنيا؟
ƒـ[هل هناك نعيم في الجنة كالمجد أو النصر، أعني بذلك، إذا كان شخص يحب شيئاً ما مثل بطولة " سوكر " لكرة القدم، وهذا الشخص لطالما يحلم أن يكون هو من يسجل هدف الفوز لفريقه في كأس العالم، فكيف يمكن لكل من الهواية والمجد أو النصر أن يكون في الجنة؟]ـ
^الحمد لله
جاءت النصوص التي تصف نعيم الجنة بصيغة العموم الذي لا يكاد يخصه شيء:
يقول الله عز وجل: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) الزمر/34.
ويقول تعالى:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) الشورى/22.
وقال سبحانه:
(لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) ق/35.
ويقول أيضا:
(نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) فصلت/31-32.
ويقول سبحانه: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الزخرف/71.
ويقول عز وجل:
(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة/17
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ))
رواه البخاري (3244) ومسلم (2824)
وكل ذلك يدل صراحة على أن المسلم المنعم في الجنة ينال في نعيمه كل ما يحبه ويهواه ويشتهيه من ملذات الدنيا والآخرة.
بل جاء النص صريحا بأن من طلب شيئا من شهوات الدنيا حققت له:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ - وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ - أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ. فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ. قَالَ: فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ. فَيَقُولُ اللَّهُ: دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَيْءٌ. فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لاَ تَجِدُهُ إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواه البخاري (2348)
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" في هذا الحديث من الفوائد أن كل ما اشتهي في الجنة من أمور الدنيا ممكن فيها. قاله المهلب " انتهى.
" فتح الباري " (5/27)
وأما تفاصيل كيفية حدوثه والطريقة التي يعد بها في الجنة فذلك ما لا سبيل إلى العلم به، والأحرى في المسلم الحرص على كل عمل يقربه إلى الجنة، وترك تفاصيلها ليومها، لعل الله تعالى يكرمنا بأعلى الدرجات فيها، ونقول لك كما يُروَى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للصحابي الذي سأل عن الخيل في الجنة: (إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ) رواه الترمذي (2543) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/3001)
يقول المناوي رحمه الله:
" مقصود الحديث أن ما من شيء تشتهيه النفس في الجنة إلا تجده فيها كيف شاءت، حتى لو اشتهى أحد أن يركب فرسا لوجده بهذه الصفة " انتهى.
" فيض القدير " (3/35)
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قوله: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا) ؛ أي: في الجنة كل ما يشاءون، وقد ورد في الحديث الصحيح أن رجلا قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله! أفي الجنة خيل؛ فإني أحب الخيل؟ فقال: (إن يدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة شئت إلا فعلت. وقال الأعرابي: يا رسول الله: أفي الجنة إبل؛ فإني أحب الإبل؟ قال: يا أعرابي! إن يدخلك الله الجنة؛ أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك)
فإذا اشتهى أي شيء فإنه يكون ويتحقق، حتى إن بعض العلماء يقول: لو اشتهى الولد لكان له ولد؛ فكل شيء يشتهونه فهو لهم. قال تعالى: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الزخرف/71 " انتهى.
" مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين " (8/385)
انظر جواب السؤال رقم: (1141) ، (20286)
والله أعلم.
‰الإسلام سؤال وجواب
اسم الکتاب : موقع الإسلام سؤال وجواب المؤلف : المنجد، محمد صالح الجزء : 1 صفحة : 359