اسم الکتاب : موقع الإسلام سؤال وجواب المؤلف : المنجد، محمد صالح الجزء : 1 صفحة : 225
أفضلية النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق
ƒـ[أعتقد موقنا بأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الرسل عليهم السلام. فهل ورد في القرآن أو السنة ما يؤيد ذلك؟ لقد ورد في آية قوله تعالى " لا نفرق بين أحد من رسله ... " وشكرا لك.]ـ
^الحمد لله
أولا: قول الله تعالى: (لا نُفَرِّق بَيْن أحدٍ من رُسُلِه) البقرة/285، قال ابن كثير في تفسيرها:
المؤمنون يصدِّقون بجميع الأنبياء والرسل، والكتب المُنَزَّلة من السماء، على عباد الله المرسلين والأنبياء لا يُفَرِّقون بين أحدٍ منهم، فَيُؤْمِنُون بِبَعْضٍ ويَكْفُرون ببعض، بل الجميع عندهم صادقون بَارُّون راشدون مَهْدِيُّون هادون إلى سبيل الخير، وإنْ كان بعضهم يَنْسَخ شريعة بعض، حتى نُسِخَ الجميع بشرع محمدٍ خَاتَم الأنبياء والمرسَلِين، الذي تَقُومُ الساعة على شريعَتِهِ. تفسير ابن كثير1/736
أما تفاضل الأنبياء بعضهم على بعض فإن الله عز وجل أخبرنا بذلك فقال: (تِلْكَ الرُّسل فضَّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كَلَّم الله ورَفَعَ بعضهم دَرَجَاتٍ) البقرة/253، فأخبرنا الله أن بعضهم فوق بعض درجات ولذلك كان المصطفى من الرسل هم ألو العزم قال تعالى: (وإذ أخذنا من النَّبيينَ ميثاقَهُمْ ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً) الأحزاب/7.
ومحمد صلى الله عليه وسلم أفضلهم ويَدَلُّ لذلك أنه إمامهم ليلة المعراج، ولا يقدم إلا الأفضل ومما يدل على أنه أفضلهم ما جاء عن أَبُي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ " رواه مسلم (الفضائل/4223)
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا سَيِّد وَلَد آدَم يَوْم الْقِيَامَة , وَأَوَّل مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْر , وَأَوَّل شَافِع وَأَوَّل مُشَفَّع) قَالَ الْهَرَوِيُّ: السَّيِّد هُوَ الَّذِي يَفُوقُ قَوْمه فِي الْخَيْر , وَقَالَ غَيْره: هُوَ الَّذِي يُفْزَعُ إِلَيْهِ فِي النَّوَائِب وَالشَّدَائِد , فَيَقُومُ بِأَمْرِهِمْ , وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ مَكَارِههمْ , وَيَدْفَعُهَا عَنْهُمْ. وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَوْم الْقِيَامَة) مَعَ أَنَّهُ سَيِّدهمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة , فَسَبَبُ التَّقْيِيد أَنَّ فِي يَوْم الْقِيَامَة يَظْهَرُ سُؤْدُده لِكُلِّ أَحَدٍ , وَلا يَبْقَى مُنَازِع , وَلا مُعَانِد , وَنَحْوه , بِخِلافِ الدُّنْيَا فَقَدْ نَازَعَهُ ذَلِكَ فِيهَا مُلُوكُ الْكُفَّار وَزُعَمَاء الْمُشْرِكِينَ. قَالَ الْعُلَمَاء: وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا سَيِّد وَلَد آدَم) لَمْ يَقُلْهُ فَخْرًا , بَلْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْفَخْر فِي غَيْر مُسْلِم فِي الْحَدِيث الْمَشْهُور: (أَنَا سَيِّد وَلَد آدَم وَلا فَخْرَ) وَإِنَّمَا قَالَهُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا اِمْتِثَال قَوْله تَعَالَى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّك فَحَدِّثْ) وَالثَّانِي أَنَّهُ مِنْ الْبَيَان الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْلِيغه إِلَى أُمَّته لِيَعْرِفُوهُ , وَيَعْتَقِدُوهُ , وَيَعْمَلُوا بِمُقْتَضَاهُ , وَيُوَقِّرُوهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا تَقْتَضِي مَرْتَبَتُهُ كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّه تَعَالَى. وَهَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِتَفْضِيلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ; لأَنَّ مَذْهَب أَهْل السُّنَّة أَنَّ الآدَمِيِّينَ أي أهل الطاعة والتقى أفضل مِنْ الْمَلائِكَة , وَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَل الآدَمِيِّينَ وَغَيْرهمْ. وَأَمَّا الْحَدِيث الآخَر: " لا تُفَضِّلُوا بَيْن الأَنْبِيَاء " فَجَوَابه مِنْ خَمْسَة أَوْجُه: أَحَدهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ قَبْل أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيِّد وَلَد آدَم , فَلَمَّا عَلِمَ أَخْبَرَ بِهِ. وَالثَّانِي قَالَهُ أَدَبًا وَتَوَاضُعًا. وَالثَّالِث أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيص الْمَفْضُول. وَالرَّابِع إِنَّمَا نَهْيٌ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَة وَالْفِتْنَة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور فِي سَبَب الْحَدِيث. وَالْخَامِس أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِالتَّفْضِيلِ فِي نَفْس النُّبُوَّة , فَلا تَفَاضُلَ فِيهَا , وَإِنَّمَا التَّفَاضُل بِالْخَصَائِصِ وَفَضَائِل أُخْرَى وَلا بُدَّ مِنْ اِعْتِقَادِ التَّفْضِيل , فَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) وَاَللَّه أَعْلَم.أهـ
وخصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي تؤكد أفضليته على باقي الرسل كثيرة نذكر بعضا منها مما جاء في الكتاب والسنة:
أن الله عز وجل خصَّ القرآن الكريم المُنَزَّل عليه بالحفظ دون غيره من الكتب، قال تعالى: (إنّا نحن نزَّلنا الذِّكر وإنّا له لحافظون) الحجر/9، أما الكتب الأخرى فقد وَكَلَ الله أمْرَ حفظها إلى أهلها قال تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور يَحْكُم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربَّانِيُّون والأحبار بما اسْتُحْفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء) المائدة/44.
أنه خاتم الأنبياء والمرسلين قال تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) الأحزاب/40.
اختصاصه بأنه أرسل إلى الناس عامة قال تعالى: (تَبَارَكَ الذي نَزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) الفرقان/1.
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم في الأخرة:
أنه صاحب المقام المحمود يوم القيامة قال تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يَبْعَثَكَ ربك مقاماً محموداً) الإسراء/79، قال ابن جرير: قال أكثر أهل التأويل: ذلك المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلم للشفاعة يوم القيامة للناس، لِيُرِيحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم. تفسير ابن كثير5/103
أنه سيد الخلق يوم القيامة، وتقدم ذكر الحديث فيه.
أنه أول من يَجُوزُ الصِّراط بأمته يوم القيامة أخرج البخاري في ذلك حديث أبي هريرة الطويل، وفيه ….." فأكون أول من يَجُوزُ من الرسل بأمته " (الأذان/764) . ومن الأدلة الواضحة على أنه أفضل الأنبياء أنهم كلهم لا يشفعون، ويحيل الواحد منهم الناس على الآخر، حتى يحيلهم عيسى على محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: أنا، ثمَّ يتقدم فيشفع للجميع، فيحمده على ذلك الأولون والآخرون، والأنبياء وسائر الخلق.
وخصائصه عليه الصلاة والسلام التي وردت الآيات والأحاديث الصحيحة أكثر من أن نذكرها في مقام مُوجَز، فقد أُلِّفَتْ فيها الكتب.
انظر كتاب خصائص المصطفى صلى الله عيه وسلم بين الغلو والجفاء للصادق بن محمد 33-79
والخلاصة: أننا نفضل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عن سائر الأنبياء والناس، للأدلة الواردة في ذلك، مع حفظنا لحقوق جميع الأنبياء والمرسلين والإيمان بهم وتوقيرهم. والله تعالى أعلم.
‰الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
اسم الکتاب : موقع الإسلام سؤال وجواب المؤلف : المنجد، محمد صالح الجزء : 1 صفحة : 225