الوجه الثالث: أن الحديث لا تعرض فيه لذكر البيوت المبنية بالحجر وإنما ذكرت فيه بيوت المدر, والمدر غير الحجر, قال ابن الأثير المدر هو الطين المتماسك, وقال ابن منظور في «لسان العرب» المدر: قطع الطين اليابس وقيل: الطين العلك الذي لا رمل فيه. قال: والمدر للحوض أن تسد خصاص حجارته بالمدر, وقيل هو القرمدة إلا أن القرمدة بالجص والمدر بالطين وفي «التهذيب» والمدر تطيينك وجه الحوض بالطين الحر لئلا ينشف انتهى.
وإذا علم هذا فالظاهر من صنيع المصنف أنه إنما عدل عن بيوت المدر إلى بيوت الحجر ليوهم بذلك صحة تصوره الفاسد لمعنى الحديث. ولا يخفى ما في تعبيره ببيوت الحجر من تغيير معنى الحديث وما يراد به.
الوجه الرابع: أن بيوت المدر إذا تتابع عليها نزول المطر يومين أو نحوها لا يفتر عنها لا يمسك الماء. بل ينزل منه قطر كثير على من فيها بخلاف بيوت الشعر فإن الماء يزل عنها وتكن ساكنيها منه, وهذا شيء معروف عند الحاضرة والبادية, وعلى هذا فالحديث على ظاهره لا على ما تصوره المصنف والله أعلم.