responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السلفيون وحوار هادئ مع الدكتور علي جمعة المؤلف : شحاتة صقر    الجزء : 1  صفحة : 170
وذكر الحافظ ابن كثير أَنَّ السُّلْطَانَ اسْتَفْتَى شَّيْخَ الإسلام ابن تيمية فِي قَتْلِ بَعْضِ الْقُضَاةِ بِسَبَبِ مَا كَانُوا تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَأَخْرَجَ لَهُ فَتَاوَى بَعْضِهِمْ بِعَزْلِهِ مِنَ الْمُلْكِ، وَأَنَّهُمْ قَامُوا عَلَى شَيْخِ الإسْلَامِ وَآذَوْه هو أَيْضًا! وَأَخَذَ يَحُثُّهُ بِذَلِكَ عَلَى أَنْ يُفْتِيَهُ فِي قَتْلِ بَعْضِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانَ حَنَقُهُ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ مَا كَانُوا سَعَوْا فِيهِ مِنْ عَزْلِهِ، فَفَهِمَ الشَّيْخُ مُرَادَ السُّلْطَانِ، فَأَخَذَ فِي تَعْظِيمِ الْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ، وَيُنْكِرُ أَنْ يَنَالَ أَحَدًا مِنْهُمْ سُوءٌ، وَقَالَ لَهُ: «إِذَا قَتَلْتَ هَؤُلَاءِ لَا تَجِدُ بِعْدَهُمْ مِثْلَهُمْ»، فَقَالَ لَهُ: «إِنَّهُمْ قَدْ آذَوْكَ وَأَرَادُوا قَتْلَكَ مِرَارًا»، فَقَالَ الشَّيْخُ: «مَنْ آذَانِي فَهُوَ فِي حِلٍّ، وَمَنْ آذَى اللهَ وَرَسُولَهُ فَاللهُ يَنْتَقِمُ مِنْهُ، وَأَنَا لَا أَنْتَصِرُ لِنَفْسِي». وَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى حَلُمَ عَنْهُمُ السُّلْطَانُ وَصَفَحَ [1].
فتأمل دماثة أخلاق شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقد عفا عن الذين حرّضوا عليه وآذوه ومنهم ابن مخلوف هذا.
وها هو ابن مخلوف يعترف بذلك فقد ذكر الحافظ ابن كثير أن قَاضِي الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ مَخْلُوفٍ كَانَ يَقُولُ: «مَا رَأَيْنَا مِثْلَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، حَرَّضْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَقَدَرَ عَلَيْنَا فَصَفَحَ عَنَّا وَحَاجَجَ عَنَّا».
وذكر الحافظ ابن كثير أنَّ الشَّيْخَ بَعْدَ اجْتِمَاعِهِ بِالسُّلْطَانِ نَزَلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ، وَعَادَ إِلَى بَثِّ الْعِلْمِ وَنَشْرِهِ، وَأَقْبَلَتِ الْخَلْقُ عَلَيْهِ، وَرَحَلُوا إِلَيْهِ يَشْتَغِلُونَ عَلَيْهِ، وَيَسْتَفْتُونَهُ وَيُجِيبُهُمْ بِالْكِتَابَةِ وَالْقَوْلِ، وَجَاءَتْهُ الْفُقَهَاءُ يَعْتَذِرُونَ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُمْ فِي حَقِّهِ، فَقَالَ: «قَدْ جَعَلْتُ الْكُلَّ فِي حِلٍّ» [2].

[1] البداية والنهاية (18/ 94).
[2] البداية والنهاية (18/ 95).
اسم الکتاب : السلفيون وحوار هادئ مع الدكتور علي جمعة المؤلف : شحاتة صقر    الجزء : 1  صفحة : 170
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست