اسم الکتاب : الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار المؤلف : التويجري، حمود بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 145
ورسوله وأمر المرابين أن يأخذوا رؤوس أموالهم ولا يَظلِموا بأخذ الزيادة على رؤوس أموالهم ولا يُظلموا بالنقص منها، فهذه النصوص تشمل جميع أنواع الربا وتدل على أنها محرمة تحريما مطلقًا، وليس فيها ما يدل على تخصيص ربا أهل الجاهلية بالتحريم القطعي دون غيره. فإن قيل إن هذه الآية وهي قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} كان نزولها ونزول الآية التي بعدها بسبب ما كان باقيا لبعض المسلمين من الربا الذي كان لهم في الجاهلية.
فالجواب: أن يقال: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر عند الأصوليين، وليس في الآيتين ما يدل على أن الربا المحرم قطعًا هو ربا أهل الجاهلية دون غيره من أنواع الربا، وإنما فيهما الأمر بترك الربا وإيذان من لم يتركه بالحرب من الله ورسوله وأنهم إن تابوا فلهم رؤوس أموالهم، وهذا يعم المرابين الذين أسلموا ولهم بقايا من الربا ويعم غيرهم من المتعاملين بالربا في الإسلام ولا فرق بين هؤلاء وأولئك، قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "لفظ الربا يتناول كل ما نهي عنه من ربا النساء وربا الفضل والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك، فالنص متناول لهذا كله". انتهى، وقد تقدم [1] قول الجصاص: "إن قول الله -تعالى-: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} قد انتظم تحريم جميع ضروب الربا لشمول الاسم عليها من طريق الشرع، وقال أيضا: اسم الربا يعتريه معان أحدها: الربا الذي عليه أهل الجاهلية، والثاني: التفاضل في الجنس الواحد من المكيل أو الموزون، والثالث: النسأ". انتهى.
وأما السنة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» فذكرها ومنها أكل الربا، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه «لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه» وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد بمن ستة وثلاثين زنية» وهذه الأحاديث تشمل جميع أنواع الربا وتدل على أنها كلها محرمة تحريمًا قطعيًا، وقد تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ربا الفضل وربا النسيئة، وفي بعض الروايات أنه قال: «من زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» وفي رواية: «من زاد أو استزاد فهو ربا» وقال لبلال لما باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الطيب: «أوه أوه عين الربا عين الربا لا تفعل» قال النووي: "معنى عين الربا أنه حقيقة الربا المحرم"، وفي رواية أن رجلا باع صاعين من التمر الرديء بصاع من التمر الطيب فقال رسول .......................... [1] ص24 - 25 و97.
اسم الکتاب : الصارم البتار للإجهاز على من خالف الكتاب والسنة والإجماع والآثار المؤلف : التويجري، حمود بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 145