النصرانية ديانة وضعية أرقى تكويناً وأدق تنظيماً من الديانات السابقة التي ابتكرها الإنسان -بزعمهم- منذ فجر التاريخ، وأن طقوسها وشعائرها هي امتداد للطقوس الطوطمية والشعائر الوثنية، التي كانت سائدة بين القبائل الهمجية القديمة.
وبالمقابل تعصب آخرون - لاسيما ذوي الميول الدينية - للرأي القائل بأن الدين النصراني - مكتملاً - دين سماوي على الحقيقة، وأن كل ما في الأناجيل وحي صادق، وأن أعمال الكنيسة مشروعة يقرها ويمليها المسيح، فليس شيء منها يستحق أن يوصف بأنه بدعة محدثة أو إضافة خاطئة، وتظل الكلمة الفصل في الموضوع، كما هي دائماً، في القرآن الكريم الذي نزل مهيمناً على ما قبله من الكتب، ويظل الرأي الذي يصح أن يوصف بأنه موضوعي ونزيه - في هذه المسألة وأشباهها - من نصيب الباحث المسلم وحده.
لقد سبق أن تحدثنا عن تحريف المسيحية - عقيدة وشريعة - والتحريف في ذاته بدعة خطرة، لكن الأمر لم يقتصر على تحريف ما هو موجود بالفعل، بل انتقل إلى إحداث ما لم يكن وابتداع تعاليم وضعية أُلصقت بالمسيحية وأُدخلت في صلبها، وربما كانت بدعة رجال الدين - كما يسمون - أبعد البدع أثراً، لأن البدع الأخرى لم تكن لتنمو لولا أن رجال الدين هم الذين ابتدعوها وأقروها وأضفوا الشرعية عليها لذلك سنبدأ بالحديث عن هذه البدعة، ثم نعقب ببعض البدع الأخرى لتكون نماذج وأمثلة شاهدة على ما نقول.
أولاً: رجال الدين الإكليروس:
ترى النظرة الجاهلية للتاريخ المتأثرة بنظرية التطور أن حياة البشر الدينية والاجتماعية مرت بثلاث مراحل رئيسية: