يكون كله لله، وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)) [البقرة:278 - 279] وهذه الآية نزلت في أهل الطائف، وكانوا قد أسلموا وصلوا وصاموا لكن كانوا يتعاملون بالربا، والربا آخر المحرمات في القرآن، وهو مال يوجد بتراضي المتعاملين، فإذا كان من لم ينته عنه محارباً لله ورسوله، فكيف بمن لم ينته عن غيره من المحرمات التي هي أسبق تحريماً وأعظم تحريماً؟!
ثم استشهد -رحمه الله- بالأحاديث المتواترة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأمر بقتال الخوارج، ووصفه لهم بالمروق من الدين كما يمرق السهم من الرمية مع قوله عنهم: {يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وقراءته مع قراءتهم} واستشهد بإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على قتال مانعي الزكاة مع أنهم يقيمون الصلاة ويقرون بالشريعة، ولم يمتنعوا عن دفع الزكاة إلا تأولاً بأن دفعها خاص بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظاهر الآية: ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)) [التوبة:103] فكيف بغير المتأول؟! بل كيف بمن خرج على الشريعة من أصلها؟! وذكر- رحمه الله - أن مما يوجب تكفير ملك التتار وقتاله أنه يرد الناس عما كانوا عليه في سلك الأنبياء والمرسلين إلى أن يدخلوا فيما ابتدعه من سنته الجاهلية وشريعته الكفرية، فهم يدعون دين الإسلام، ويعظمون دين أولئك الكفار على دين المسلمين، ويطيعونهم ويوالونهم أعظم بكثير من طاعة الله ورسوله وموالاة المؤمنين، والحكم فيما شجر بين أكابرهم بحكم الجاهلية لا بحكم الله ورسوله يعني أنهم يتحاكمون إلى الياسق.
ثم قال: ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما قال تعالى: