الانحراف، هذا وذاك هما اللذان يجعلان كثيراً من الناس يثيرون شبهات متهافتة لم تكن لتستحق أدنى نظر لولا هذا الواقع المؤلم.
من هذه الشبهات استصعاب بعض الناس إطلاق لفظ الكفر أو الجاهلية على من أطلقهما الله تعالى عليه من الأنظمة والأوضاع والأفراد بذريعة أن هذه الأنظمة لا سيما العلمانية الديمقراطية - لا تنكر وجود الله ولا تمانع من إقامة شعائر التعبد، وبعض أفراد الأنظمة العلمانية يتلفظون بالشهادة، ويقيمون الشعائر من صلاة وصيام وحج وصدقة ويحترمون رجال الدين (!) والمؤسسات الدينية ... إلخ، فكيف نستسيغ القول: بأن العلمانية نظام جاهلي وأن المؤمنين بها جاهليون؟!
ومن الواضح جداً أن الذين يلوكون هذه الشبهة لا يعرفون معنى لا إله إلا الله ولا مدلول (الإسلام)، وهذا على فرض حسن الظن بهم، وهو ما لا يجوز في حق كثير من المثقفين الذين يتعللون بهذه العلل.
إن تاريخ الدعوة الإسلامية وصراعها المرير، وإن القرآن الكريم كله من أوله إلى آخره -ومثله السنة- لتقطع الطريق على هذه الشبهة وقائليها.
هل تحمل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه العنت والمشقة والحرب والجهاد ثلاثاً وعشرين سنة متوالية، وهل نزل القرآن الكريم موجهاً وآمراً وناهياً طوال هذه السنين من أجل أن يقول الجاهليون باللسان فقط: لا إله إلا الله ويقيموا الشعائر التي يمن دعاة العلمانية على الله أنهم يسمحون بها؟!
وما الفرق بين قول قريش: يا محمد أعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، وبين قول العلمانيين -لفظاً أو حالاً- نعبد الله في المسجد، ونطيع