كل شعور آخر، ومن كل معنى غير معنى التعبد لله)) [1].
وهذه المعاني دل عليها صريح القرآن كما في قوله تعالى: ((قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ)) [الأنعام:163].
ولذلك فإن نهي الله تعالى عن الإشراك به في عبادته وإخلاصها له وحده كما في قوله تعالى: ((إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)) [الزمر:[2]] وقوله تعالى: ((قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)) [الزمر:64] يتوجه إلى هذه المعاني بجملتها، كما سيأتي تفسيره في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
إن فطرة الإنسان وطبيعة تكوينه وافتقاره الذاتي لهي قاطعة الدلالة على أنه عبد، ولا يمكن أن يكون غير ذلك، وما عليه إلا أن يختار معبوده.
وقد أثبت شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية في رسالة العبودية أن الإنسان على مفترق طريقين لا ثالث لهما، فإما أن يختار العبودية لله، وإما أن يرفض هذه العبودية فيقع لا محالة في عبودية لغير الله [2].
وكل عبودية لغير الله كبرت أم صغرت هي في نهايتها عبادة للشيطان: ((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)) [يس:61] وهذا هو المؤدى الأخير مهما تنوعت الأساليب وتعددت السبل.
يشمل ذلك العرب الذين قال الله تعالى فيهم: ((إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَاناً مَرِيداً)) [النساء:117] ويشمل كذلك كل عبادة لغير الله على مدار التاريخ. [1] المجلد السابع (ج: (27)، (ص:28). [2] مقدمة رسالة العبودية: (6).