وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى)) [النجم:38 - 39] فلا يؤاخذ الله تعالى أحداً بذنب غيره مهما كانت الصلة بينهما -أي: أنه حتى لو فرضنا جدلاً أن آدم عليه السلام لم يتب، فإنه وحده المؤاخذ بمعصيته إن لم يغفرها الله له ولا ذنب للبشرية لا المسيح ولا غيره.
إنه - حسب قاعدة العدل الرباني - لا يجوز أن يؤاخذ أحد غير آدم بخطيئته، حتى ولو كان ابن الشيطان الذي أغواه بالخطيئة -فضلاً عن أن يكون ابن الله- كما تقول الكنيسة تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً أو أحداً من بني آدم.
وبذلك خلا التصور الإسلامي من الأفكار والنظريات التي ابتدعتها الكنيسة باعتبارها من مستلزمات الخطيئة، سواءً ما يتعلق منها بذات الله عز وجل أو بالإنسان.
وكان علماء المسلمين أسبق من فلاسفة عصر التنوير وأتباع مدرسة النقد التاريخي في هذا المضمار، يقول أحدهم:
( ... فنسبوا الإله الحق -سبحانه- إلى ما يأنف أسقط الناس وأقلهم أن يفعله بمملوكه وعبده! وإلى ما يأنف عباد الأصنام أن يُنسب أوثانهم إليه، وكذبوا الله -عز وجل- في كونه تاب على آدم عليه السلام، وغفر له خطيئته ونسبوه إلى أقبح الظلم، حيث زعموا أنه سجن أنبياءه ورسله وأولياءه في الجحيم بسبب خطيئة أبيهم، ونسبوه إلى غاية السفه حيث خلصهم من العذاب بتمكينه أعداءه من نفسه حتى قتلوه وصلبوه وأراقوا دمه، ونسبوه إلى غاية العجز حيث عجزوه أن يخلصهم بقدرته من غير هذه الحيلة، ونسبوه إلى غاية النقص حيث سلط أعداءه على نفسه وابنه ففعلوا به ما فعلوا ...
وبالجملة فلا نعلم أمة سبَّت ربها ومعبودها وإلهها بما سبت به هذه الأمة، كما قال عمر رضي الله عنه: [[إنهم سبوا الله مسبة ما سبه