العلماء ودماء الشهداء، بل يعد الكلب المعلم وسيلة طاهرة، في حين أن الكلب الجاهل حيوان نجس.
وكيف تكون نفرة بين العلم والدين، وحلقات ودروس الطب والفلك والرياضة، بل الشعر والأدب كلها تعقد في الجوامع جنباً إلى جنب مع حلقات الحديث والفقه والتفسير؟ والطبيب والفلكي والرياضي يجلس جنباً إلى جنب مع الفقيه وكبير القضاة في مجلس الخليفة؟ والمراصد وبيوت الحكمة تغدق عليها الأموال من بيت مال المسلمين؟
إنه لا مجال للمقارنة ولا داعي للإيضاح.
يبقى بعد هذا من عقائد النصرانية وشعائرها، التي نفرت الناس منها، وتسببت في ثورتهم عليها، مسألة الخطيئة الموروثة وموضوع الطقوس التعبدية:
أما الخطيئة الموروثة -التي أزعجت فولتير وباسكال، بل أقلقت الضمير الأوروبي كله وأرقته منذ أن اعتنقها إلى الآن، وبذرت اليأس والقنوط في النفوس، فلجأ الكثيرون إلى الأديرة والصوامع -كما سبق الكلام عن الرهبانية- أما هذه فإن الموقف الإسلامي منها قطعي وصريح.
فمن جهة معصية آدم -عليه السلام- بالأكل من الشجرة، نجد أن الواقعة ذكرت في القرآن مذيلة بذكر التوبة والاستغفار، وبيان أن الله تعالى قبل التوبة وغفر الخطيئة، ففي سورة البقرة ينتهي سياق القصة إلى قوله جل شأنه: ((فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) [البقرة:37].