وبالمقابل أحس المجتمع الشرقي بالانبهار القاتل واستشعر النقص المرير، ولم يتردد الغربيون الكفرة في القول بأن سبب تخلف الشرقيين هو الإسلام، فقد استمدوا ذلك من الوهم الذي كان يسيطر على أولئك بأنهم مسلمون حقاً!
وهكذا كان الطريق مفتوحاً لمهاجمة الأخلاق الإسلامية وتدمير مقومات المجتمع، من خلال مهاجمة ذلك الواقع المتخلف الذي لا يمثل الإسلام، وكان النموذج الغربي المشاهد - الذي فصل الأخلاق عن الدين -يزيد الأمر قوة ووضوحاً.
وإذ علمت قوى الصليبية الحاقدة - من مستعمرين ومبشرين ومستشرقين -أن البؤرة التي تتجمع فيها أصول أخلاق ومقومات المجتمع المسلم هي المحافظة على العرض وأنها مفترق الطريق بين هذا المجتمع وغيره، فقد وضعت المخططات الماكرة لسلب هذه الميزة من المسلمين بإفساد المرأة المسلمة وإشاعة الدياثة بينهم.
ولما كانت الأمة الإسلامية هي المسئولة -أولاً وآخراً- عن كل هذا، ولما كان الجانب الذاتي من المشكلة هو الأخطر والأهم، فسوف نوليه جل اهتمامنا.
وفي بداية الأمر علينا أن نستحضر في أذهاننا الصورة الساخرة التي وصف بها المؤرخون المسلمون دياثة الإفرنج الصليبيين، [1] لنقارنها بهذه الصورة التي يقدمها لنا الجبرتي ضمن حوادث سنة 1216 هـ:
ومنها: تبرج النساء وخروج غالبهن عن الحشمة والحياء، وهو أنه لما حضر الفرنسيس إلى مصر. ومع البعض منهم نساؤهم كانوا يمشون في الشوارع مع نسائهم، وهن حلوات الوجوه لابسات [1] انظر الاعتبار أسامة بن منقذ: (135) تحقيق فيليب حتي.