ولم يكن الأمر مقصوراً على المناهج، بل تعداها إلى أسلوب التربية وفلسفة السلوك، فقد طبق الاختلاط بين الذكور والإناث في الجامعة المصرية، التي كانت مركزاً لأنصار دعوة قاسم أمين المريبة، وتبعتها معظم جامعات العالم الإسلامي، كما أدخلت التقاليد الغربية المنافية للإسلام في صلب النظام الجامعي، إذ شيدت في إطاره معاهد عليا للرقص والتمثيل والنحت والموسيقى، كيف لا وقد قال قاسم أمين صديق لطفي السيد في كتابه كلمات:
لعل أكبر الأسباب في انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة: التمثيل والتصوير والموسيقى [1].
والمؤسف ما أثبته العقاد من أن دراسة الفنون الجميلة من بنات أفكار محمد عبده (2)
وقد يكون أمر المناهج أهون خطراً لو أنها إذ أهملت العلوم الشرعية البحتة حورت المقررات الأخرى بما يوافق التصور الإسلامي، وحذفت منها الإيحاءات الفلسفية غير العلمية، التي لا مبرر لها إلا ظروف الصراع بين الكنيسة والعلم في أوروبا، -كما أسلفنا في مواطنها- ولكن الواقع أن أنظمة التعليم في العالم الإسلامي تدرس تلك العلوم بصورتها الغربية المعادية للدين، دون التفريق بين دين ودين.
صحيح أن الاستعمار فرض تلك الأنظمة فرضاً، ولكنها لا تزال بعد رحيله كما كانت أو أشد، بل إنها لتطبق في بلاد لم تطأها لمستعمر قدم!
ولا يعوزنا أن نمثل لهذا فهو ملء السمع والبصر: [1] قاسم أمين: (39).
(2) انظر: فصل الفنون الجميلة من كتاب: محمد عبده.