فاستصدروا من الخديوى إسماعيل سنة (1872م) القانون الخاص بتنظيم الأزهر وإصلاحه، وتنص فقرة (ب) منه على:
تحديد الدراسات التي تعطى بالأزهر بإحدى عشرة مادة هي: الفقه وأصول الدين والتوحيد والحديث والتفسير والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق (1)
ووافق ذلك هوى في نفوس علماء الأزهر، وبذلك قطع الطريق أمام وعي ذاتي لإصلاح الأزهر حقيقة.
أما المدارس الحديثة التي أنشأها محمد علي وأولاده فقد كانت مجالاتها أرحب وفرصها أوسع، وكانت البعثات إلى الخارج قائمة على قدم وساق.
والناحية الأشد خطورة هي الوسائل التي ينتهجها كلا النظامين التعليميين: النظام الديني -كما سمي- يقوم في الكتاتيب المتفرقة في القرى والأمصار للمرحلة الابتدائية، والجامع الأزهر للمرحلة العليا.
والكتاتيب يدرس فيها فقهاء [2] يجتمع حولهم الطلبة في مظاهر ريفية يحملون الألواح القديمة والمصاحف، والفقيه يتوسطهم بعمامته وفي يده عصا طويلة، ويقوم بتلقينهم بطريقة تغاير روح التربية الإسلامية المأثورة التي كانت في عصرها أرقى أساليب التربية العالمية.
وطلاب الجامع نفسه يتحلقون في أروقته مفترشين الحصر البالية، يتصدرهم شيخ لا يكاد يختلف في مظهره عن فقيه الكتاب [3].
(1) تاريخ ونظام التعليم في مصر: (105). [2] الفقيه في عرف ذلك الزمن هم معلم الكتاب. [3] انظر مثلاً: زعماء الإصلاح أحمد أمين: (285).