بوزريسكي الذي ادعى الإسلام، وتسمى مصطفى جلال الدين هم الذين أسسوا فكرة الطورانية (1)
ثم أعلنت عصبتهم الدستور ذلك الصنم الذي جعلته دعايتهم العريضة أعظم الغايات، وجاء الدستور معبراً عن أهدافهم اللادينية إذ رفع شعارات الماسونية، وشدد على الحرية الدينية ومساواة غير المسلمين بالمسلمين في كل شيء باسم الوحدة الوطنية , وعطل عمل المحاكم الشرعية باسم الاصلاح والتقنين، مما أتاح الفرصة لأعداء الإسلام كي يتمكنوا من العمل بكل حرية ونشاط.
وإذا اعتبرنا أفكار ضياء كوك ألب مؤشراً للانتماء الفكري لهذه الحركة، فسنجدها دون أدنى شك حركة لا دينية سافرة، لكن الناس ظلوا مترددين بشأنها؛ لأنها لم تظهر أهدافها الحقيقية، فقد كان المخطط ينفذ بدقة ماهرة.
لقد كانت اللعبة العالمية تقتضي اصطناع بطل تتراجع أمامه جيوش الحلفاء الجرارة! وتعلق الأمة الإسلامية اليائسة فيه أملها الكبير وحلمها المنشود، وفي أوج عظمته وانتفاخه ينقض على الرمق الباقي في جسم الأمة، فينهشه ويجهز عليها إلى الأبد! [2] وهذا أفضل قطعاً من كل المائة مشروع لتقسيم تركيا [3] وهدم الإسلام.
وتمت صناعة البطل بنجاح باهر، ووقف يتحدى الحلفاء، وألقى باليونان في البحر [4] ولم ير الحلفاء بداً من التفاوض معه! وكانت ثمرة
(1) الغرب والشرق الأوسط برنارد لويس: (127). [2] انظر: فصل صناعة الزعيم من كتاب: عندما يحكم الطغاة، د. جريشة. وفي ظلال القرآن: (8/ 86) الغربية: (16)، والدبلوماسية والميكافيللية، محمد صادق: (149). [3] عنوان كتاب ألفه: جوفار ولخصه الأمير شكيب أرسلان في حاضر العالم الإسلامي. [4] الأبطال الحقيقيون لحرب الاستقلال ذكرهم مؤلف كتاب الرجل الصنم وعلى العموم فإن شجاعة المجاهدين الأتراك هي التي مكنت من ركوب الموجة، انظر: الفصل الرابع من الكتاب المذكور.