responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العلمانية - نشأتها وتطورها المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 521
لقد استسلم المسلمون لنوم طويل محتجين بالقدر، فلم يوقظهم إلا هدير الحضارة الغربية وهي تدك معاقلهم وتقتحم حصونهم، وكانت المفاجأة المذهلة التي زعزعت إيمان الأمة بدينها، وهو الإيمان الذي كان خامداً بارداً لا حراك له، وفي لحظة الانبهار والانذهال هذه، قال المستشرقون والمبشرون وأذنابهم: إن الدين -وعقيدة القدر خاصة - هو سبب التأخر والجمود في العالم الإسلامي، وصدقهم المغفلون الذين كانوا لا يعرفون من شعائر الدين إلا ما رسمه لهم مشايخ الطرق من صلوات وأوراد، ولا من قواعده إلا أن من الإيمان أن يرضى المرء بما كتب له على المفهوم الخاطئ لها، وباسم الزهد في الدنيا والاستسلام الخانع للذل والفقر تحت ستار الإيمان بالقدر وهما ما تطوعت به الطرق الصوفية وشجعته البيئة الجاهلة المنحطة، تقهقرت الحضارة الإسلامية وذبلت، حتى لفظت أنفاسها على يد الغزو العسكري والحضاري القادم من الغرب.
ذلك أن المعادلة الخاطئة التي كانت تقول: إن الصلاح قرين الفقر، والفساد صنو الغنى، قد تطورت واتخذت بعد اليقظة المنبهرة شكلاً آخر، فأصبحت تقول: إن الكفر والدنيا قرينان، والدين والتأخر قرينان.
وكان هذا هو الظاهر من حال أوروبا والعالم الإسلامي في أوهام العامة، إن أوروبا كافرة وبيدها مقاليد الدنيا، ونحن مسلمون - على المفهوم الخاطئ طبعاً للإسلام، وفي الوقت نفسه متأخرون.
وليس من شأننا -الآن- مناقشة هذه الأفكار، وإنما هدفنا أن نعرضها بإيجاز بالغ لنصل إلى النتيجة النهائية، وهي أن هذا الانحراف في التصورات الإسلامية كان المنفذ الذي تسربت منه العلمانية كإحدى مظاهر الغزو الفكري، لتقول للناس: إن الدين لا علاقة له بالحياة ولا

اسم الکتاب : العلمانية - نشأتها وتطورها المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 521
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست