- الفصل السادس: ماذا بقي للدين:
ماذا بقي للدين؟
هذا هو السؤال الذي يراودنا الآن بعد تلك الرحلة الطويلة!
لقد رأينا كيف استؤصلت جذور الدين من كل مجال من مجالات الحياة: في السياسة والاقتصاد، وفي الاجتماع والأخلاق، وفي العلم والفن، فماذا بقي للدين بعد ذلك؟ هل بقي له شيء يذكر سواء على الصعيد النظري أو في واقع الحياة؟ [1].
أما على المستوى العلمي والفكري فإن أوروبا -شرقها وغربها- قد استبعدت بصفة مطلقة أن تكلف نفسها البحث في أية قضية من القضايا منطلقة من الدين أو متأثرة به، وأن تستفتي الدين في أي شأن من الشئون.
فالعداوة التقليدية المريرة بين الكنيسة والعلم قضت على كل احتمال من ذلك، والمبدأ الأساسي الذي قامت عليه الحياة الأوروبية المعاصرة هو عبادة الهوى وتحكيمه من دون الله، فالإنسان المعاصر الذي شب عن الطوق واستغنى عن الإله لم يعد بحاجة إلى الرجوع إليه .. [1] لا يعني هذا بطبيعة الحال أن أوروبا تخلت عن تعصبها للمسيحية ضد غيرها -والإسلام خاصة- ولكن التعصب ليس دليل التدين بل له تعليل آخر سيأتي في موضوع التخطيط الصليبي اليهودي ضمن أسباب العلمانية في العالم الإسلامي (522).