إن الخشونة والفحش من الصفات الدائمة تقريباً في ثقافتنا الغربية [1] فالأغاني البذيئة والمسرحيات الوضعية في عصر النهضة تعقبها عبادة اللذة والجمال في الرومانسية، ثم تصبح الدعوة صريحة إلى الفجور والفاحشة في الأدب الواقعي، وتظل صورتها تكبر وتسفل حتى تصل إلى الأدب المكشوف.
وبذلك بعدت الشقة جداً بين رهبانية الكنيسة والفن، وصار بينهما هوة لا قرار لها، وإذا عرفنا أنه ما تزال نسبة تمثال افروديت إلهة الحب! عند الإغريق هي المقياس لأجساد ممثلات هوليود، [2] فلن يخفى علينا ارتكاس هذا الاتجاه إلى الوثنية.
ولنبدأ بالطريق من أوله -متجاوزين عصر النهضة- لنجد تلك المجموعة من الأدباء في العصر الحديث الذين كرسوا فنهم وحياتهم للإباحية.
فهناك الفريددي موسيه شاعر الليالي الذي كان أبيقورياً بأوسع معاني الكلمة، ومعاصروه أمثال بروسبير صاحب قصة كولومبيا وألكسندر دوماس الكبير والصغير، والأخير مشهور بقصة غادة الكاميليا وفلوبير صاحب مدام بوفاري ومعهم الكاتبة العربيدة جورج ساند صاحبة ليليا وأنديانا وينبغي ألا ننسى ستندال صاحب الأسود والأحمر وأوسكار وايلد [3].
وكل أدب هؤلاء محصور في تمجيد الرذيلة وتبرير أعمال العاهرات والإشفاق عليهن، ودخل هذا الاتجاه مرحلة أتم بالمدرسة [1] قصة الفكر الغربى: (297). [2] انظر المصدر السابق: (85). [3] انظر سلسلة تراث الإنسانية تحت هذه الأسماء المذكورة لاسيما (ج:2، 7).