رابليه، وكذلك هناك مسرحيتا موليير المتزمت وطرطوف، والأخيرة تصور نفاق رجل الدين وجشعه [1] ومثلها قصة صاحب الطاحون لشوسر، يقول مؤلف قصة الفكر الغربي: "يرد كثيراً في الأدب الشعبي الوسيط ذكر القسيس الجشع والقسيس الفاسق والقسيس المغرور الذي تشغله أمور الدنيا، وكذلك لا يعطينا شوسر صورة طيبة عن رجال الدين، ومع ذلك فلم يكن في كل هذا إلا قليل من المرارة، وإنما كان يرمي إلى إنزال القسيس إلى المستوى البشري العام، ولم يقصد إلى تحدى بناء المسيحية الفلسفي والديني أي: نظرتها الشاملة إلى الكون، كما قصد إلى تحديها في أيام فولتير وتوم بين ... " [2].
تم تطور الأمر أكثر من ذلك في كتابات عصر التنوير إلا أن رجل الدين - بمفاسده - لا يزال هو المنفذ إلى مهاجمة الدين، ويظهر ذلك جلياً في قصة الراهبة لديدرو زعيم الموسوعيين الفرنسيين التي مثلت في الستينات بباريس تحت اسم المتدينة بناءً على اعتراض الكنيسة [3].
وجاءت الواقعية فاتخذت دور الهجوم المباشر على حقائق الدين مقرونة بالتشهير برجاله أو منفردة عنها، وبدأ ذلك مبكراً وصريحاً، وها هو ذا جوستاف فلوبير يعطي الشاهد على ذلك في روايته مدام بوفاري التي حوكم بسببها آنذاك:
ففي أحد فصولها: تسأل ربة النزل القسيس عما إذا كان يريد [1] ترجمها للعربية: يوسف محمد رضا، وفي سلسلة تراث الإنسانية: (1/ 233) وقد أثارت ضيق رجال الدين حتى نادى أحدهم بحرق موليير حياً. [2] جرين برنتن: (296 - 297). [3] حدثني بذلك شاب مغربي مسلم يدرس في فرنسا.