وترتب سلم الرغبات، إننا نهجر في لحظة مثاليتنا السلمية، ونلقى بأنفسنا في هذا الانتحار الجماعي للحرب، وعندنا مائة ألف سياسي، وليس عندنا رجل حكيم واحد، إننا نطوف حول الأرض بسرعة لم يسبق لها مثيل، ولكننا لا نعرف أين نذهب، ولم نفكر في ذلك، أو هل نجد هناك السعادة الشافية لأنفسنا المضطربة؟! أو أننا نهلك أنفسنا بمعرفتنا التي أسكرتنا بخمر القوة؟! ولن ننجو منها بغير الحكمة.
واختراع موانع الحمل وذيوعها هو السبب المباشر في تغيير أخلاقنا، فقد كان القانون الأخلاقي قديماً يقيد الصلة الجنسية بالزواج، لأن النكاح كان يؤدي إلى الأبوة بحيث لا يمكن الفصل بينهما، ولم يكن الوالد مسئولاً عن ولده إلا بطريق الزواج، أما اليوم فقد انحلت الرابطة بين الصلة الجنسية وبين التناسل، وخلقت موقفاً لم يكن آباؤنا يتوقعونه، لأن جميع العلاقات بين الرجل والمرأة آخذة في التغيير نتيجة هذا العامل، ويجب على القانون الأخلاقي في المستقبل أن يدخل في حسابه هذه التسهيلات الجديدة التي جاءت بها الاختراعات لتحقيق الرغبات المتأصلة.
فحياة المدينة تفضي إلى كل مثبط عن الزواج، في الوقت الذي تقدم فيه إلى الناس كل باعث على الصلة الجنسية وكل سبيل يسهل أداءها، ولكن النمو الجنسي يتم مبكراً عما كان من قبل، كما يتأخر النمو الاقتصادي، فإذا كان قمع الرغبة شيئاً عملياً ومعقولاً في ظل النظام الاقتصادي الزراعي، فإنه الآن يبدو أمراً عسيراً وغير طبيعي في حضارة صناعية أجلت الزواج حتى بالنسبة للرجل، حتى لقد يصل إلى سن الثلاثين، ولا مفر من أن يأخذ الجسم في الثورة وأن تضعف القوة على ضبط النفس عما كان في الزمن القديم، وتصبح العفة التي كانت فضيلة موضعاً للسخرية، ويختفي الحياء الذي كان يضفي على الجمال جمالاً، ويفاخر الرجال بتعدد خطاياهم، وتطالب النساء بحقها في مغامرات