واسعة يستطيع أعداؤها أن ينفذوا من خلالها إلى هدم الدين البوليسي الكنسي بسهولة، وكانت هذه العقيدة وأضرابها، المقومات الأساسية للفكر اللاديني الذي تستر بستار "النقد التاريخى للكتب المقدسة" ابتداء من القرن السابع عشر، ولا بأس هنا أن نورد قول أحد أقطاب هذا الفكر وهو الفيلسوف الفرنسي " رينان" الذي حرمته الكنيسة وحظرت كتبه: "إنه ينبغي لفهم تعليم يسوع المسيح الحقيقي، كما كان يفهمه هو، أن نبحث في تلك التفاسير والشروح الكاذبة التي شوهت وجه التعليم المسيحي حتى أخفته عن الأبصار تحت طبقة كثيفة من الظلام، ويرجع بحثنا إلى أيام بولس الذي لم يفهم تعليم المسيح، بل حمله على محمل آخر، ثم مزجه بكثير من تقاليد الفريسيين وتعاليم العهد القديم، وبولس، كما لا يخفى، كان رسولاً للأمم أو رسول الجدال والمنازعات الدينية، وكان يميل إلى المظاهر الخارجية الدينية كالختان وغيره، فأدخل أمياله هذه على الدين المسيحي فأفسده، ومن عهد بولس ظهر التلمود المعروف بتعاليم الكنائس، وأما تعليم المسيح الأصلي الحقيقي فخسر صفته الإلهية الكمالية، بل أصبح إحدى حلقات سلسلة الوحي التي أولها ابتداء العالم وآخرها في عصرنا الحالي والمستمسكة بها جميع الكنائس، وأن أولئك الشراح والمفسرين يدعون يسوع إلهاً دون أن يقيموا على ذلك الحجة، ويستندون في دعواهم على أقوال وردت في خمسة أسفار: موسى، والزبور، وأعمال الرسل، ورسائلهم، وتآليف آباء الكنيسة، مع أن تلك الأقوال لا تدل أقل دلالة على أن المسيح هو الله" [1].
وإذا كان التثليث يتصف بهذه الصور العقيمة المستغلقة، وإذا كانت الكنيسة تعلم أنها لم تستطع -ولن تستطيع- حلّ هذه المعضلة [1] عن محاضرات في النصرانية: (215).