responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العلمانية - نشأتها وتطورها المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 403
للتلمود؛ فجاء بتلك العبارات بنصها، وأقذع منها ونشرها علانية في محاضراته وكتبه وهو آمن من أن تمسه يد سوء [1] وقس على ذلك موقفه من الدين والأخلاق.
وهذا يقودنا إلى معرفة مدى التفسخ الذي وصلت إليه البيئة الأوروبية والانهيار الديني والخلقي الذي اجتاحها؛ فكانت بيئة ملائمة لتفريخ أفكار فرويد وتقبلها مما دفعها إلى تفسخ أعظم.
فالفكر المادي تغلغل في النفوس، والنزعة الحيوانية المنفلتة أصبحت هي الصبغة العامة للحياة، والثورة الصناعية وما صاحبها من تغيير في البنية الاجتماعية وتفكك في الحياة الأسرية، هيأت -جميعها- الجو للهدم الأخلاقي والعقائدي، ثم كانت الحروب الإقليمية والعالمية (الأولى) فقوضت دعائم المجتمع الأوروبي، وأفقدته الثقة في كل مبادئه ومعتقداته، ونشرت الرعب والذعر في القلوب وحطمت كل الأعراف والقوانين والأخلاقيات.
وصحب ذلك إسفاف مريع وهبوط شائن في الأدب والفن يسرته وعممته دور السينما وكتب الجنس وقصصه ولوحاته.
يضاف إلى ذلك ما كان يعتلج دوماً في النفسية الأوروبية من حقد عارم على الكنيسة، وتحفز دائب للانتقام منها، وشعور لا ينفك بالنقص والذنب، وهو ما أورثته الرهبانية لها، كل هذه الأمور هيأت الجو الملائم للهدامين التلموديين لإطفاء الجذوة الباقية، ونهش المزعة الأخيرة من جسد الخلق والفضيلة.
وقد عرفنا دورهم في الثورة الفرنسية، ثم في قيام الرأسمالية وتعرضنا لاستغلالهم للداروينية، ثم عرضنا لماركس ودور كايم

[1] انظر مثلاً: خمس حالات من التحليل النفسي (ج:2).
اسم الکتاب : العلمانية - نشأتها وتطورها المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 403
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست